سورجی (بۆهه‌مووان)
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.












المواضيع الأخيرة
» معلومات عن دراسة تخصص طب الأشعة | INFORMATION ABOUT MEDICAL RADIOLOGY STUDY ABROAD
القضيـة الكرديـة في تركـيا Emptyالثلاثاء أبريل 10, 2018 10:59 am من طرف سورجي بؤ هه مووان

» معلومات عن دراسة تخصص طب الأشعة | INFORMATION ABOUT MEDICAL RADIOLOGY STUDY ABROAD
القضيـة الكرديـة في تركـيا Emptyالثلاثاء أبريل 10, 2018 10:56 am من طرف سورجي بؤ هه مووان

» بحث حول إدارة الموارد البشرية
القضيـة الكرديـة في تركـيا Emptyالثلاثاء أبريل 10, 2018 10:45 am من طرف سورجي بؤ هه مووان

» موضوع ترميم الآثار
القضيـة الكرديـة في تركـيا Emptyالإثنين أبريل 09, 2018 12:17 pm من طرف سورجي بؤ هه مووان

» موضوع هندسة البرمجيّات
القضيـة الكرديـة في تركـيا Emptyالإثنين أبريل 09, 2018 12:13 pm من طرف سورجي بؤ هه مووان

» موضوع الأسواق والمنشأت المالية "FMI
القضيـة الكرديـة في تركـيا Emptyالإثنين أبريل 09, 2018 12:03 pm من طرف سورجي بؤ هه مووان

» تعريف نظم المعلومات
القضيـة الكرديـة في تركـيا Emptyالإثنين أبريل 09, 2018 12:01 pm من طرف سورجي بؤ هه مووان

» موضوع عن علوم السياسية
القضيـة الكرديـة في تركـيا Emptyالإثنين أبريل 09, 2018 11:59 am من طرف سورجي بؤ هه مووان

» موضوع عن الجمارك جمرك المالية
القضيـة الكرديـة في تركـيا Emptyالإثنين أبريل 09, 2018 11:57 am من طرف سورجي بؤ هه مووان

بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

دخول

لقد نسيت كلمة السر

مارس 2024
الإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبتالأحد
    123
45678910
11121314151617
18192021222324
25262728293031

اليومية اليومية


القضيـة الكرديـة في تركـيا

اذهب الى الأسفل

23092011

مُساهمة 

اخبار القضيـة الكرديـة في تركـيا





القضيـة الكرديـة في تركـيا







[size=12]د.جبار قادر

٣ كانون الثاني, ٢٠٠٥



تتطرق وسائل الأعلام العربية و العالمية بين فينة و أخرى الى بعض جوانب
القضية الكردية في تركيا عند قيامها بتغطية الأحداث الهامة المتعلقة بهذه
البلاد . فقد سلطت القنوات الفضائية العربية و العالمية و وسائل الأعلام
الأخرى الأضواء على معاناة الكرد في تركيا خلال الأحداث التي رافقت إعتقال
زعيم حزب العمال الكردستاني وتسليمه الى تركيا في شباط عام ١٩٩٩ . و عادت
هذه الوسائل و لكن بإهتمام أقل لتنقل وقائع مثوله أمام المحكمة التركية في
جزيرة إمرالي .

ورافقت عملية الأخذ و الرد بين الأتحاد الأوروبي و تركيا
خلال الأعوام التي أعقبت إعلان القمة الأوربية في هيلسنكي إيلاء شئ من
الأهتمام ببعض الحقوق الثقافية و الدينية للأقليات القومية و الدينية في
تركيا . فقد توجب على تركيا كدولة مرشحة لعضوية الأتحاد تنفيذ عدد من
الألتزامات القانونية و السياسية عرفت بمعايير كوبنهاغن قبل تحديد موعد
بدء المفاوضات معها . و نالت البرلمانية الكردية السابقة ليلى زانا و
زملائها إهتماما إستثنائيا من لدن مؤسسات حقوق الأنسان الأوروبية و
الأمريكية و المنظمات النسائية في العديد من دول العالم . لقد أدركت
الأوساط الحاكمة في تركيا ولو بصورة متأخرة بأنها لن تستطيع إحراز تقدم
كبير على صعيد علاقاتها مع الأتحاد الأوروبي دون الأعتراف بالحقوق
الأساسية للملايين من مواطنيها الكرد و العرب و اللاظ و الشركس و غيرهم .
ومن هنا قامت حكومة أردوغان ببعض الخطوات التي لا تشكل بطبيعة الحال حلا
للقضية الكردية في تركيا و لكنها يمكن أن تخلق مع الزمن الأرضية المناسبة
للبناء عليها على طريق إيجاد حل ديموقراطي لهذه القضية المتأزمة .

ستشهد السنوات القادمة حتما الكثير من التطورات في هذا
الأتجاه إذا بقيت تركيا ملتزمة بأنتهاج سياساتها الحالية و الهادفة الى
الحصول على عضوية الأتحاد الأوروبي . ويصعب على المرء حتى أن يعتقد بوجود
خيار آخر أمام تركيا بعد أربعة عقود من الأنتظار أمام بوابة الأتحاد
الأوروبي .

أي تقويم للخطوات التركية على صعيد القضية الكردية من منطلقات
لوائح حقوق الأنسان و حقوق الأقليات و المعايير الدولية و قيم العصر لن
تكون نتيجته أمرا في صالح تركيا . و لكن إذا جرى تقويمها وفق الأوضاع و
المعايير التركية و المنظومة السياسية و الفكرية السائدة فيها ، والتي لا
تزال تتحكم بعقول أوساط واسعة من نخبها السياسية و الثقافية و الأجتماعية
، فإنها ولا شك تشكل خطوات مهمة على طريق كسر التابوات التركية التي طبعت
الحياة السياسية و الثقافية و الأجتماعية في هذه البلاد خلال ما يقارب قرن
من الزمان . على أية حال سنشهد حتما التطورات اللاحقة خلال سني المفاوضات
الطويلة و المعقدة بين تركيا و الأتحاد الأوربي و هو أمر لا يدخل في إطار
مقالنا هذا.

ما يهمني هنا هو الأشارة الى بعض اللحظات المهمة و الحلقات
المفصلية في تطور القضية الكردية في تركيا على مدى القرن الماضي . فمن
الملاحظ أن الكتابات العربية التي نشرت خلال الأعوام الأخيرة عن القضية
الكردية في تركيا إتسمت في مجملها بتركيزها على أبعادها السياسية دون
الغوص في خلفياتها التاريخية.

ولايمكن برأيي فهم أبعاد القضية الكردية في تركيا و غيرها من
الدول التي تقاسمت السيادة على كوردستان بعد الحرب العالمية الأولى بعيدا
عن السياقات و الخلفيات التاريخية .

هناك قصور واضح في فهم تأريخ ظهور القضية الكردية على مسرح
الأحداث التأريخية في منطقة الشرق الأدنى ، إذ تعود بدايات ظهورها الى
أواخر القرن الثامن عشر و العقود الأولى من القرن التاسع عشر ، أي عندما
أكتشفت الأمبراطورية العثمانية تخلفها عن أوربا الغربية وقررت القيام
بمجموعة من الإجراءات أصطلح على تسميتها بالتنظيمات العثمانية . وكان من
بين الأهداف الأساسية لتلك الأجراءات محاولة إطالة عمر الدولة و تحكيم
سيطرة الباب العالي على أطراف الأمبراطورية المترامية الأطراف .

لقد لامس هذا التوجه بالذات الوضع الكردي في الصميم من خلال
تخلي الباب العالي عن سياساتها السابقة في كوردستان العثمانية ، والتي
تمثلت ومنذ معركة جالديران عام ١٥١٤ بترك مهام إدارة الشؤون الداخلية
الكردية للأقطاعيين و الزعماء القبليين المحليين الكرد وعدم التدخل
المباشر فيها.

ومن المعروف أن تلك السياسة أفرزت على مدى ثلاثة قرون حالة جد
معقدة في كوردستان . فهي من جانب نأت بالمجتمع الكردي من مؤثرات العثمنة و
التتريك خاصة أن كوردستان كانت أقرب المناطق جغرافيا الى مواطن تركز و
إنتشار العنصر التركي في الدولة العثمانية . وحافظت بذلك على بقاء العنصر
الكردي سائدا في مواطنه التاريخية عند تخوم الباب العالي . ولكنها ساهمت
من جانب آخر والى حد كبير في ترسيخ حالة التفتت و التشرذم القبليين و
تقوية مراكز و نفوذ الزعماء القبليين و المحليين الكرد ، تلك الظاهرة التي
لازال المجتمع الكردي يعاني من آثارها المدمرة الى يومنا هذا لاعلى الصعيد
الإجتماعي فقط بل وعلى الصعيد السياسي أيضا.

وقدر تعلق الأمر بالكرد فقد شكل التخطيط للسيطرة على جميع
مناطق كوردستان وإدارتها بصورة مباشرة من قبل ولاة و باشوات يتم تعيينهم
من قبل الباب العالي بدلامن الزعماء االمحليين ، حلقة مهمة في السياسة
الجديدة للدولة العثمانية . و تمثل رد فعل الزعامات القبلية والإقطاعية
الكردية في الإنتظار والدفاع عند تخوم الإمارات الكردية التي سقطت الواحدة
تلو الأخرى لتزول آخرها من الوجود في منتصف القرن التاسع عشر .

و هكذا تمثلت القضية الكردية في الربع الأول من تاريخها
الطويل بمحاولات العثمانيين لفرض سيطرتهم المباشرة على كوردستان ودفاع
الإمارات الكردية المستميت عن نفسها بوجه القوات العثمانية . ولم يكن
بإمكان تلك الإمارات المحلية الضعيفة و المتصارعة فيما بينها أن تكسب هذا
الصراع الغير متكافئ اصلا . ومن الضروري أن نشير هنا الى حقيقة وجود قوى
متميزة بين تلك الإمارات كان يمكن لها أن تشكل نواة للدولة القومية
الكردية الحديثة لو بقيت على قيد الحياة مدة أطول من الزمن . ولكن وكما
يقال لامكان ل"لو" في التاريخ .

وفي النصف الثاني من القرن التاسع عشر إنبرت الطرق الصوفية (
النقشبندية والقادرية ) وبدعم مباشر في الغالب من الباب العالي وبخاصة من
السلطان عبدالحميد الثاني لملأ الفراغ السياسي الناجم عن سقوط الأمارات
الكردية . إلا أن تلك العلاقة المميزة بين الطرفين لم يمنع خروج ممثلين
بارزين لهذه الطرق على الدولة العثمانية . وأبرز مثال علىذلك إنتفاضة عام
١٨٨٠ التي تزعمها الشيخ عبيدالله الشمزيني ( النهري ) و التي شملت كلا
الجزئين الإيراني والعثماني من كوردستان . ويتفق الكتاب الكرد و الأجانب
على إعتبارها مرحلة مهمة و نموذجا للحركة القومية الكردية من حيث الإعداد
لها ( سلسة الإجتماعات التي عقدها الزعماء القبليون الكرد للتباحث بصدد
أهدافها و تفاصيلها قبيل إندلاعها) و من حيث الشعارات التي رفعتها ( طالبت
زعامة الحركة بإقامة دولة كردية تضم كلا جزئي كوردستان ) و سعة حجم
المشاركين فيها (تشير المصادر المختلفة الى ارقام تتراوح بين ٥٠ الف و ٨٠
ألف مقاتل) و المداخلات الدولية فيها وحولها ( طلب إيران من روسيا و
بريطانيا المساعدة في القضاء عليها و تعاون إيران و الدولة العثمانية و
بمباركة و دعم مباشرين من بريطانيا و روسيا في قمعها) بالإضافة الى
محاولات توجيهها وجهة بعيدة عن أهدافها الحقيقية .

أما على صعيد العاصمة و المراكز العثمانية الكبرى فقد كانت
الفئة المتعلمة والمتعثمنة الكردية منغمسة في إدارات الدولة ومؤسساتها (
تضم قائمة الشخصيات المهمة في الدولة العثمانية عددا لابأس بها من الكرد
الذين تسنموا العديد من المناصب الرفيعة كوزارات الخارجية و الأوقاف و
رئاسة مجلس شورى الدولة و شيخ الإسلام فضلا عن عدد كبير من ولاة الأقاليم
و السفراء و قادة الجيش و غيرها) من جهة ، وحركة المعارضة السياسية لنظام
السلطان عبدالحميد من جهة أخرى. فقد كان إثنان من مؤسسي "جمعية الإتحاد
العثماني " ، عبدالله جودت واسحاق سكوتي كرديان . وكانت الجمعية التي ضمت
في صفوفها ممثلو القوميات الغير تركية تهدف أساسا الى إقامة نوع مما يمكن
أن نسميه الآن بالدولة الفدرالية من إتحاد الأعراق والأجناس و الثقافات
والديانات المختلفة على أسس جديدة تختلف عن الوسائل القسرية التي كانت
تعتمدها الدولة العثمانية على شعوبها.

ومع سيطرة العناصر القومية الشوفينية التركية إبتعدت الجمعية
التي أصبحت تدعى "جمعية الإتحاد والترقي" عن الأهداف التي شكلت من أجلها
وأخذت تدعو صراحة الى تتريك العناصر الغير تركية وتنحو منحا إستبداديا .
وإعتراضا على ذلك ترك ممثلو الكرد و غيرهم من العناصر الغير تركية صفوفها
وتحولوا الى منتقدين لها بل وكرس بعضهم حياته كلها لمعارضتها كعبدالله
جودت وغيره.

ويمكن الحديث و منذ العقد الأخير من القرن التاسع عشر عن
معارضين سياسيين كرد لحكم السلطان الأستبدادي بين الفئة المتنورة الكردية
. تجمع بعضهم حول أول جريدة كردية حملت إسم ( كوردستان ) في القاهرة والتي
نشر العدد الأول منها في ٢٢ نيسان عام ١٨٩٨. وإنتشر البعض الآخر في بعض
العواصم الأوربية كباريس و جنيف وفيينا . وأصدر هؤلاء بعض البيانات التي
كانت تشجب سياسات الباب العالي في كوردستان وغيرها. وكان جل هؤلاء من
أبناء الطبقة الأرستقراطية الكردية التي درست في إسطنبول و تأثرت بالفكر
السياسي الأوربي وبالأخص أفكار التنوير و الثورة الفرنسية . ويمكن القول
بأن تأثير هذه الفئة الصغيرة وأفكارها في كوردستان نفسها كان موازيا للصفر
تقريبا.

مع قيام ثورة الإتحاديين أظهرت الفئة المتعلمة الكردية نشاطا
سياسيا وثقافيا ملحوظا في العاصمة إسطنبول و بعض المدن الكردية الكبرى .
فقد تشكلت خلال الفترة التي أعقبت عام ١٩٠٨ و حتى إندلاع الحرب العالمية
الأولى بعض الجمعيات الكردية مثل ( جمعية التعاون والترقي الكردي ) و
جمعيات للطلبة و نشر المعارف الكردية فضلا عن إصدار صحيفة ومجلة كرديتين.
من المؤسف أن ( ربيع الحرية ) كان قصيرا جدا في الدولة العثمانية التي
سرعان ماسيطر على الأمور فيها الثلاثي الطوراني المستبد ( جمال - طلعت -
أنور ) وأسكتت جميع الأصوات التي كانت تغرد خارج السرب الإتحادي. منعت
سلطات الإتحاد و الترقي الجمعيات الكردية من ممارسة نشاطاتها و أعتبرت
إصدار الصحف والمجلات باللغة الكردية و غيرها ( مؤامرة تستهدف النيل من
وحدة الأمة العثمانية!).

جاء إندلاع الحرب العالمية الأولى ليقضي على كل أثر للنشاط
السياسي و الثقافي الكردي ، فقد سيق الناشطون الكرد والذي كان جلهم من
خريجي المدارس العسكرية الى جبهات القتال ، كما أن إعلان الجهاد المقدس من
قبل السلطان العثماني تسبب في تخبط الزعامات القبلية الكردية وتوجيه
إستياء الكرد وجهة لاناقة لهم فيها ولابعير .

وكانت آثار تلك الحرب مدمرة بالنسبة لكوردستان وشعبها . فقد
شهدت أراضيها معارك شرسة بين الجيوش العثمانية والروسية التي تناوبت
السيطرة على بعض مناطقها مرات عديدة خلال سني الحرب . كما أن الجيوش
البريطانية و الى حد أقل الفرنسية و بعد معارك أقل شراسة إحتلت بعض مناطق
كوردستان الشمالية و الجنوبية.

و يورد الوزير و المؤرخ الكردي الشهير محمد أمين زكي والذي
كان آنذاك ضابطا كبيرا في الجيش العثماني أرقاما مرعبة عن خسائر الكرد
البشرية والمادية خلال الحرب . ولم تكن خسائر الكرد بسبب سياسات
الإتحاديين بأقل من خسائرهم نتيجة للحملات العسكرية الروسية والأنجليزية و
الفرنسية، فقد كان الجيش الأتحادي يتصرف في كوردستان كأسوأ جيش إحتلال .
كما شهدت سنوات الحرب بعض التحركات الكردية المبعثرة التي لم تؤثر بصورة
جدية على مسار الأحداث.

شهدت الفترة التي أعقبت هزيمة الدولة العثمانية وإنتهاء الحرب
العالمية الأولى أحداثا كبيرة تركت بصماتها على التطور اللاحق للحركة
القومية الكردية و قضيتها الوطنية . فقد تجاذبت الزعامات الكردية وعود
الحلفاء للشعوب الخاضعة للسيطرة التركية و بنود الرئيس الأمريكي الأربعة
عشر من ناحية و وعود حكومة السلطان حول إقامة إدارة ذاتية كردية في إطار
الدولة العثمانية و أخيرا خطابات مصطفى كمال النارية عن ( أخوة الدين
المستعدين دائما لدفع حياتهم ثمنا لرفعة الوطن والدين ) و ضرورة تحقيق
مطالبهم القومية والوطنية بعد ( تحرير الوطن من المحتل الأجنبي ) من ناحية
أخرى.

ساهمت هذه الوعود التي كانت تتقاطع مع بعضها بشكل غريب على
تعميق الخلافات القائمة أصلا في صفوف الزعامات الكردية لتميز أربعة تيارات
رئيسية : تيار ضم العناصر الشابة المتحمسة في الحركة القومية الكردية كان
يدعو الى إنتهاز الفرصة التأريخية و إعلان إستقلال كوردستان وإقامة الكيان
الكردي المستقل . وقد ضم هذا التيار عددا من الكوادر المتعلمة الشابة .
فيما نادى التيار الثاني بالقبول بفكرة الإدارة الذاتية في إطار الدولة
العثمانية ، وقد إنضوى تحت خيمة هذا التجمع رجالات الكرد الشهيرة التي
تسنمت أرفع المناصب في الدولة العثمانية ولم ترغب في الإنفصام النهائي عن
الباب العالي . أما التيار الثالث فكان يدعو الى إقامة دولة كردية تحت
وصاية إحدى الدول الكبرى ( كبريطانيا ) . وكان هناك جناح ضعيف يضم بعض
الشخصيات الشهيرة كشريف باشا الذي مثل الكرد في مؤتمر السلام بباريس و
الذي كان يدعو الى إقامة دولة كردية تحت وصاية إيران. و كانت الى جانب هذه
التيارات الرئيسية فئات أخرى تتزعمها شخصيات تدعو الى التحالف مع روسيا أو
مع الكماليين أو مجرد باحثين عن دور لهم في ظل الفوضى التي عمت المنطقة .

ومن المفيد أن نشير هنا بأن نشاط النخبة السياسية الكردية
تركز في العاصمة إسطنبول ولم تكن شعاراتها و خطابها السياسي بل و حتى
العديد من أعضائها معروفين في كوردستان نفسها ، حيث كانت الزعامات القبلية
و الأقطاعية المحلية تتحكم بمقدرات الحركة الكردية فيها.

كما أن قيام ثورة البلاشفة في روسيا و إنسحاب روسيا من
المعاهدات و الأتفاقيات المعقودة لتقاسم ممتلكات الدولة العثمانية و
التعاون الكمالي البلشفي و غيرها من الأحداث أدت الى تغييرات كبرى في
استراتيجيات الدول العظمى و بخاصة بريطانيا الأمر الذي كان له آثار مدمرة
على مستقبل كوردستان و الحركة القومية الكردية.

خلاصة القول لابد من الأعتراف بأن الكرد بعيد الحرب العالمية
الأولى كانوا يفتقرون الى مشروع سياسي يوحدهم و قيادة كاريزمية و مبادرة و
بعيدة النظر تستطيع توحيد صفوفهم و تقودهم نحو تحقيق أهدافهم .وقد شخصت
صانعة الملوك في الشرق الأوسط المس بيل في بداية العشرينات من القرن
الماضي هذا القصور عند الكرد بقولها( الكرد شعب يفتقر الى قيادة ).

إستطاع مصطفى كمال الذي بدأ بتجميع القوى المناهضة لحكومة
إسطنبول من إستغلال هذه الحالة وبدأ حركته من كوردستان بالذات و أخذ يؤثر
في الزعامات القبلية و الدينية المحلية الكردية صاحبة الكلمة العليا في
كوردستان . فقد إستغل بذكاء مخاوف الكرد من المطالب الأرمنية حول إقامة
دولة أرمنية كبرى تضم مناطق واسعة من المناطق الكردية في آسيا الصغرى .
وأظهر شريف باشا، الذي وقع مع ممثل الأرمن وثيقة تعاون في مؤتمر السلام
بباريس رغم إعتراضه على المطالب التوسعية الأرمنية ، أمام الزعامات
الكردية المحلية كزعيم غير أمين على الحقوق الكردية و مستعد لتسليم
الأراضي الكردية الى السيطرة الأرمنية.

أظهرت هذه التطورات بوضوح توازن القوى الفعلي في كوردستان .
ومع تنامي دور مصطفى كمال في الحركة التي أصبحت تعرف فيما بعد بالحركة
الكمالية و تأثيره في الزعامات القبلية الكردية بدأ دور النخبة السياسية
الكردية الضعيف أصلا يتلاشى ، وأخذت تخلي مواقعها لصالح القوى التي تحالفت
مع الكماليين.

في ظل هذه الظروف عقدت معاهدة سيفر ( ١٩٢٠ ) التي يحلو للكتاب
و الشعراء الكرد التغني بها و ببنودها الثلاث التي أقرت ولأول مرة في
التاريخ الحديث الإعتراف بجزء من الحقوق الكردية ، دون أن تقرها رسميا
الدول الموقعة عليها (بإستثناء دولة واحدة هي إيطاليا التي كانت في عجلة
من أمرها للأستحواذ على ماخصص لها قبل ان تتغير الأوضاع السياسية على
الأرض ). في حين أبدت الدول الأساسية التي وقعتها إستعدادها لإعادة النظر
ببنودها لصالح الكماليين قبل أن يجف حبرها.

أدت الإنتصارات الكمالية على جبهات القتال و بخاصة على
اليونانيين و تنامي علاقاتهم الوثيقة مع البلاشفة و أحداثا أخرى عديدة الى
تحولات كبيرة في آسيا الصغرى لصالح مصطفى كمال و أنصاره و إنحسار كل
ماتبقى من نفوذ و دور للباب العالي .

و بدأ مصطفى كمال بتنفيذ بنود مشروعه السياسي منذ وقت مبكر من
قيام الحركة التي حملت إسمه . وشكلت الدولة ( المنسجمة!! ) من الناحية
القومية و النظام السياسي الشمولي ( دولة الأمة الواحدة ذات اللغة الواحدة
و الزعيم الأوحد) بعضا من أركانه المهمة و أسسا للكيان الجديد الذي أقيم
على أنقاض الإمبراطورية العثمانية المهزومة . ومن هذا المنطلق بدأت
محاولاته المحمومة منذ وقت مبكر جدا لقمع أي تحرك كردي مهما كان صغيرا ،
حتى أنه قام و في أشد أيام الحرب ضراوة بنقل قوات مهمة من جبهات القتال مع
اليونانيين لقمع الأنتفاضة الكردية في مناطق قوجكيري خلال الأعوام ١٩١٩ -
١٩٢١ . كما أن توجيهاته الى القادة العسكريين و المدنيين و حتى المسؤولين
عن دوائر البرق و البريد كانت تتلخص في ضرورة التصدي الفوري لكل تحرك كردي
مهما كان صغيرا و منع أية إتصالات بين النخبة السياسية الكردية في إسطنبول
أو في الخارج مع القيادات الكردية المحلية في كوردستان . وكان البريد
المرسل الى الناشطين السياسيين الكرد في المدن الكردية لايصل الى هؤلاء بل
يذهب مباشرة الى مصطفى كمال و أنصاره.

مع ذلك لم يكن مصطفى كمال في ذلك الوقت في وضع يتيح له فيه
معاداة الكرد كعنصر و شعب ، بل كثيرا ماكان يؤكد في برقياته الى الزعماء
القبليين و الدينيين الكرد وفي خطاباته الثورية بأنه مع تحقيق المطامح
القومية لأخوة الدين. وكان يغلف كلماته هذه بعبارات غامضة تقبل تأويلات
عديدة. ولكن ورغم تلك المحاولات الملتوية بدأت التوجهات العنصرية للأوساط
الحاكمة الجديدة تتوضح للسياسيين الكرد وبخاصة لأولئك الذين شكلوا ( جمعية
إستقلال كوردستان) عام ١٩٢٢. فبعد طرد الأجانب من البلاد وإنتفاء الحاجة
الى دعم الكرد أظهر الكماليون وجهم الحقيقي وتنكروا للكرد بل و اخذوا
ينكرون حتى وجود الكرد كشعب .

تحول الجيش التركي الذي لعب الدور الحاسم في كسب الحرب وتحرير
البلاد من الإحتلال الأجنبي الى القوة الرئيسية والحاسمة في تقرير
السياسات الداخلية و الخارجية لتركيا. وحدد الجيش بالذات سياسة الدولة
تجاه الكرد و مطالبهم. فلقد إنبرت جريدة ( Varlik ) التي كان الجيش التركي
يصدرها في أرضروم و تعبر عن وجهة نظر الجنرالات الذين تحولوا الى القوة
الرئيسية المتحكمة بالسلطة في الجمهورية التركية منذ تأسيسها وحتى أيامنا
هذه ، لتحديد مبادئ السياسة التركية ازاء الكرد وذلك في أيلول عام ١٩٢٣ أي
حتى قبل إعلان الجمهورية التركية . ولكون الموقف الرسمي التركي تجاه الشعب
الكردي و حقوقه القومية خلال الفترة التي أعقبت إعلان الجمهورية و حتى
يومنا هذا يحدده العسكر و بصورة تبدو منسجمة الى حد كبير مع مقولات
الجريدة المذكورة ، أجد نفسي مضطرا الى الإشارة الى بعض ما ورد فيها .
كتبت ( Varlik ) تقول ( لايوجد في الواقع قوم بأسم الكرد ، بل هناك أتراك
إستقروا في المناطق الجبلية شرق البلاد، والذين بسبب جهلهم التاريخي
يحماون هذه التسمية …- الكرد- . كل إنسان يعيش في حدود تركيا و بغض النظر
عن المعتقد الديني و الأفكار السياسية يع د تركيا) . وتورد الجريدة
الأسباب ( التاريخية ) التي أدت الى إنقطاع وإنعزال هؤلاء ( الأتراك
الجبليين ) عن باقي الأتراك مؤكدة في الوقت نفسه بأن الفروق الجزئية بين
هؤلاء و جمهرة الأتراك الآخرين لايمكن أن تخل ب وتضعف (وحدة الأمة
التاريخية ) وتلغي العناصر المشتركة في خلق الأمة وتغلب عليها المصالح
القبلية واللغوية والدينية. و تصل الجريدة في نهاية المقال الى تقرير
السياسة التي يجب أن تنتهج إزاء هؤلاء لينصهروا في بودقة الأمة التركية
قائلة ( والآن وبفضل النظام الجمهوري فأن الشعب سيتطور و سيزول هذا الفرق
الجزئي و تتنامى الروابط القومية أكثر … و اخوتنا الذين يعرفون بالكرد هم
اتراك مثلنا ). هكذا جاءت الأوامر من الجيش لتقوم كل مؤسسات الدولة
التشريعية و التنفيذية و القضائية بتنفيذها حرفيا ولم تخرج أية حكومة
تركية و على مدى ثلاثة أرباع القرن على مبادئ تلك السياسة .

جاء الدستور الأول للجمهورية التركية والذي سن عام ١٩٢٤ ليكرس
مبادئ السياسة المذكورة ويلغي ( دستوريًا ) وجود الكرد والعرب واللاظ
والشركس و غيرهم . فقد إعتبرت المادة ٨٨ من الدستور (كل سكان تركيا بغض
النظر عن إنتمائهم الديني أوالعرقي أتراكاً ). فيما أعتبرت المادة الثانية
( اللغة التركية لغة الدولة الرسمية ). وتشير مواد الدستور كلها الى
التركي أو المواطن التركي فقط . وهكذا يبدو لكل من يلقي نظرة على الدستور
التركي بأن سكان تركيا هم من الأتراك فقط . وبذلك أهمل هذا الدستور حقوق
الكرد وألغى وجودهم دستورياً و إعتبر كل دعوى لهم بالخصوصية القومية و
إقامة الكيان القومي او المطالبة بالحقوق القومية عملاً لا يمكن القبول به
. وقد هلل الزعماء و الكتاب الطورانيون للدستور الجديد فقد إعتبره
الطوراني اليهودي تكين ألب

( موئيز كوهين ) ( خطوة كبيرة على طريق تهيئة الأرضية المناسبة لصهر الأقليات القومية في بودقة الأمة التركية).


كما
أن تسمية البلاد نفسها بتركيا كانت خطوة ظالمة على طريق تكريس العنصرية و
السيادة العرقية التركية على آسيا الصغرى و التي لا تتطابق أبدا مع الواقع
الأثني و الجغرافي و التأريخي و تلغي وجود الكرد و العرب و اللاظ و الشركس
و الأرمن و غيرهم من العناصر القومية التي يصل عددها بإعتراف المصادر
الرسمية التركية الى ثمان و عشرين قومية و اقلية قومية و دينية و تشكل
أكثر من ثلث سكان البلاد وفق أقل التقديرات . ومن هنا كان حديث وسائل
الإعلام و الصحافة و حتى الدراسات ( العلمية!! ) عن الترك و التركي بديلا
عن مواطني تركيا ، و هو أمر لا صلة له بواقع الحال . بل أننا أصبحنا نرى
حتى في الصحافة العربية هذا المصطلح الغريب ( الأكراد الأتراك ). فكما
لاوجود لأكراد عرب و أكراد فرس و عرب أتراك ، فإنه لا وجود لأكراد أتراك
أيضا. يمكن لهذا المثال البسيط أن يفسر أشكالية التسمية العرقية لتركيا و
تقاطعها الكامل مع جميع حقائق التاريخ و الجغرافيا و الواقع القومي
للسكان.

و رغم أن تركيا شهدت سن دستورين آخرين عامي ١٩٦١ و ١٩٨٢ إلا
أن سياسة إنكار الكرد و قمع كل تحرك لهم لم تشهد أي إنفراج إلا في الأعوام
الأخيرة . كانت التغييرات الدستورية تهدف في أغلب الأحيان الى سد الثغرات
التي لم ينتبه اليها المشرعون الأوائل في الجمهورية التركية . فعلى سبيل
المثال لا الحصر أكدت المادة الثالثة من دستور عام ١٩٦١ على أن ( الدولة
التركية أرضا وشعبا كل واحد غير قابل للتجزئة ) . كما أكدت المادة ٥٧ على
(ضرورة صياغة برامج الأحزاب السياسة و أنظمتها الداخلية بصورة تتناغم مع
مبدأ عدم إمكانية تجزئة الدولة والأمة ). والتفسير الوحيد لهذه المواد هو
أنها تقطع الطريق على الكرد للمطالبة بحق تقرير المصير و أو حتى بالإدارة
الذاتية لأن ( الأمة التركية واحدة لايمكن أن تتجزأ في ظل أي ظرف ) وفق
تفسير المشرعين الأتراك . وحرمت المادة ٦٨ (الذين لايعرفون القراءة و
الكتابة باللغة التركية من الترشيح الى لمجلس الوطني الكبير ). وفسرت كلمة
(التركي) و كما ذكرنا بصورة تشمل كل مواطني تركيا ، فالمادة 54 أكدت على
أن ( التركي هو كل من إرتبط بالدولة التركية برباط المواطنة ).

أما الدستور الأخير أي دستور عام ١٩٨٢ و الذي لا يزال يعمل به
فأنه يمثل تثبيتاَ لسياسات قادة الإنقلاب العسكري في ١٢ أيلول ١٩٨٠ . و
يعتبر البعض هذا الدستور نظاما داخليا لثكنة عسكرية أكثر من كونه دستورا
لدولة تدعي الديموقراطية و ترغب في الأنتماء الى الأتحاد الأوروبي . لقد
أجريت تعديلات عديدة على هذا الدستور و لكنه مع ذلك لم يفقد سماته
الشمولية و جوهره اللاديموقراطي .

بدأت المطالبات تتسع في السنين الأخيرة بضرورة سن دستور
ديموقراطي جديد للبلاد يتناغم مع متطلبات العضوية في الأتحاد الأوربي و مع
رياح التغيير في العالم . المعروف أن هذا الدستور فرض عبر ماسمي ظلما ب (
إستفتاء شعبي!) في ظل الأحكام العرفية و الطوارئ و سيادة القمع الحكومي
الشديد . و رغم حملات التخويف و القمع صوتت نسبة مهمة من سكان كوردستان في
حينه ضد إقرار هذا الدستور . وقد أدرك الكرد ومنذ وقت مبكر المضمون
الشمولي و العنصري لهذا الدستور. و جاءت مواد الدستور متوافقة تماما مع
توقعاتهم . فالمادة ٢ أكدت على ( منع إستخدام أية لغة من اللغات الممنوعة
قانوناً في التعبير عن وجهات النظر بصورة شفاهية أو عن طريق المطبوعات).
واللغة الممنوعة والمقصودة هنا هي اللغة الكردية طبعا. و جاءت المادة ٢٢٨
لتمنع ( نشر المطبوعات باللغات الممنوعة بموجب القانون ) . وكان مجرد
إدراج اللغة الكردية في قائمة اللغات ( الأجنبية) في دليل الأحصاء السكاني
لعام ١٩٨٥ سبباً كافياً لتقديم ١١ شخصاً من المشاركين في إعداد الدليل الى
محكمة أمن الدولة بتهمة ( إضعاف الروح الوطنية و تهديد وحدة أرا ضي تركيا
و الدعاية للقومية الكردية و النزعات الأنفصالية ). وهكذا تحولت الدساتير
التركية منذ قيام الجمهورية الى أداة

( قانونية ) بيد الحكومات المتعاقبة لأضطهاد الكرد و القوميات الغير تركية الأخرى في تركيا .


تمثل
الرد الكردي على التوجهات العنصرية الكمالية في العقدين الأولين من عمر
الجمهورية في سلسلة من الإنتفاضات العنيفة التي شملت مناطق واسعة من
كوردستان الشمالية وكانت أوسعها إنتفاضة عام ١٩٢٥ التي شكلت خطرا حقيقيا
على النظام الكمالي . لقد تمكن الكماليون من قمع الإنتفاضة بقسوة متناهية
و إتخذوا منها ذريعة للتخلص من كل من يشتبه في ولائه للنظام الجديد
و(الزعيم الأوحد) مصطفى كمال ، ليبدأ بذلك عهد الحزب الواحد ( حزب الشعب
الجمهوري ) في تركيا والذي إستمر حتى نهاية الحرب العالمية الثانية.

لم تتردد الحكومة التركية خلال حملاتها الواسعة لقمع الحركات
الكردية عن اللجوء الى جميع الوسائل الممكنة لتشويه سمعة القائمين عليها .
حتى أنها بعثت من بين رجال إستخباراتها من يقوم بمفاوضة الزعماء الكرد
بإسم الحكومة البريطانية للحصول على أدلة تثبت مزاعمها حول علاقة
المنتفضين بالدول الأجنبية . كما إستطاعت أن تقنع زعيم إنتفاضة ١٩٢٥ الشيخ
سعيد بيران ( النقشبندي ) ، والذي وجد نفسه بمحض الصدفة على رأس الأنتفاضة
بسبب إندلاعها قبل الموعد المتفق عليه و القبض على زعمائها الحقيقين قبل
وصولهم الى مناطق إنتشارها، بعد وقوعه في أسرها بالتنكر لطبيعتها القومية
لصالح شعاراتها الدينية.

وكانت الحكومة التركية تهدف من وراء ذلك تحقيق جملة أهداف
مهمة منها إثارة الرأي العام المحلي و العالمي ضد المنتفضين بإعتبارهم
مجموعة من ( الإسلاميين المتزمتين و المتخلفين الذين يناهضون الإصلاحات
الكمالية العصرية و يهدفون من وراء حركتهم المسلحة إعادة السلطنة و
الخلافة الى تركيا). وكانت أفكار التحديث والتخلص من مخلفات الدولة
القروسطية العثمانية تسود آنذاك قطاعات واسعة من أصحاب الرأي و النفوذ في
بلدان المنطقة والتي كانت تحتفظ بذكريات مريرة عن السلطنة و الخلافة. كما
أن إتهام المنتفضين بالتزمت الديني ومحاولة إعادة السلطنة و الخلافة كان
يبرر للكماليين قمعهم بقسوة دون أن يواجهوا إعتراضات تذكر من الرأي العام
المحلي و العالمي . لقد تأثرت الصحافة العالمية بالمزاعم الكمالية و نقلت
أشهر الصحف الغربية و السوفيتية تلك المزاعم دون التدقيق فيها في أكثر
الأحوال .

لابد من الإشارة هنا الى حقيقة مهمة وهي أن إتهامات الحكومات
التركية للحركة الكردية في تركيا و غيرها تغيرت خلال القرن العشرين بتغير
الظروف السياسية لتتناغم مع المستجدات . ففي العشرينات و عندما كانت أفكار
التحديث و محاولات التخلص من أعباء القرون الوسطى سائدة ، أتهم الكرد
بالرجعية و التزمت الديني. ومع ظهور بوادر الحرب الباردة أصبحت تهمة
الشيوعية تلاحق كل تحرك كردي . وأخيرا و عندما آلت الشيوعية الى السقوط
ولم تعد هذه التهمة تثير إهتمام الحلفاء الغربيين ، سارعت الحكومة التركية
تبحث عن تهمة جديدة تتقاطع مع مفاهيم العصر عصر حقوق الإنسان و حل المشاكل
عبر الحوار و الأساليب السلمية فوجدت ضالتها في صفة الإرهاب لتلصقها
بالحركة الكردية و تبرر من خلالها سياساتها القمعية بحجة مقاومة الأعمال
الإرهابية.

و لكنه و رغم المحاولات الكثيرة والفاشلة للكماليين لفبركة
أدلة تؤكد إرتباط إنتفاضة عام ١٩٢٥ بالقوى الإستعمارية الغربية و بخاصة
بريطانيا ، إذ كانت مشكلة الموصل لازالت عالقة معها ،لم يحالفهم الحظ في
ذلك . كما أن مساعدات السلطات الفرنسية في سوريا للكماليين و السماح لهم
بنقل قوات كبيرة عبر الأراضي السورية لمباغتة المنتفضين من الخلف و الذي
كان عاملا مهما من عوامل خلخلة التوازن العسكري بين الطرفين كمقدمة لقمع
الإنتفاضة ، أظهرت تحالف الكماليين و ليس الكرد مع القوى الأستعمارية
الغربية .

مارست الحكومة التركية بعد قمع تلك الإنتفاضة و الإنتفاضات
اللاحقة في ١٩٣٠ - ١٩٣٢ و ١٩٣٧- ١٩٣٨ سياسة تنكيل شديدة بحق الكرد شكلت
المجازر ، الإعدامات الجماعية بحق السياسيين و المثقفين الكرد ، حرق و
تدميرالقرى الكردية ، تهجير مئات الألاف من الكرد الى غرب الأناضول و
إسكان الأتراك المهاجرين العائدين من البلقان في الأراضي الكردية أهم
حلقاتها. و رافق ذلك كله إنكار وجود الكرد و منع إستخدام تسمية كوردستان و
محاولة إزالة أي أثر تاريخي أو ثقافي يشير الى هذا الشعب و وطنه . لقد
إنغمست جميع مؤسسات الدولة في تنفيذ مفردات هذه السياسة بهمة بالغة. فكان
الجيش التركي يقمع تحركات الكرد و يدمر قراهم و مزارعهم و تعمل المدارس و
المؤسسات التعليمية على تتريكهم و مسخ شخصيتهم القومية وتبذل المؤسسات (
العلمية ) جهودا كبيرة لإثبات مالايمكن إثباته ألا وهو كونهم أتراكا (ضلوا
سبيلهم و إبتعدوا عن أمتهم و عليهم الإنصهار في بودقتها من جديد وإلا وجبت
إبادتهم).

إنتهت تلك المرحلة بالقضاء على آخر إنتفاضة كردية في منطقة
درسيم التي سكنها الكرد العلويون عام ١٩٣٨ ، والتي وصفها عالم الإجتماع
التركي المعروف إسماعيل بيشكجي بالإبادة الجماعية ، ليخرج المسؤولين
الأتراك و يزفوا نبأ ( القضاء على التمرد الكردي الى الأبد ) و عبرت
الصحافة التركية عن ( الحدث التاريخي ) بصورة قبر كتب عليه ( ها هنا يرقد
حلم كوردستان المستقلة) . كما أعلن وزير الداخلية التركي عن ( عدم وجود
قضية كردية بعد الآن في تركيا ).

لا يمكن نكران حقيقة أن الضربة كانت قاصمة للظهر ودخلت الحركة
الكردية في تركيا بعدها مرحلة جزر خطيرة ، إذ لم يشهد العقدين التاليين
لقمع إنتفاضة درسيم أي تحرك كردي ملحوظ هناك .

وكان للتعاون الأقليمي بين الدول التي تتقاسم كوردستان دورا
كبيرا في قمع التطلعات الكردية المشروعة . فقد شهد القرن العشرين منذ
منتصف العشرينات و حتى أيامه الأخيرة ( إذ عقدت خلال السنين الماضية سلسلة
من الأتفاقات الأمنية بين تركيا من جهة و كل من سوريا و إيران من جهة أخرى
بهدف قمع الحركة الكردية في تركيا و أي تحرك كردي آخر في أي من بلدان
الشرق الأدنى ) مئات الإتفاقات و المعاهدات و البروتوكولات الثنائية و
الجماعية بين الدول التي تتقاسم كوردستان وبمباركة الدول العظمى في أغلب
الأحوال . وشكلت مسألة التصدي للمحاولات الكردية و قمع أي تحرك كردي على
جانبي الحدود بندا أساسيا و دائميا في جميع تلك الإتفاقيات والمعاهدات دون
إستثناء.

رغم أن نهاية الحرب العالمية الثانية و هزيمة الأفكار النازية
و الفاشية والعسكريتاريا كانت تبشر بعصر جديد تسوده قيما أكثر إنسانية ،
إلا أن ما مست تركيا منها كان ضئيلا جدا تمثل في قيام ماسمى بنظام تعدد
الأحزاب الشكلي في إطار الفكر الكمالي السائد و ليس خارجه . لم يأت النظام
الجديد للكرد بشئ يذكر سوى أن أصواتهم الإنتخابية تحولت الى عامل مهم في
الصراع على السلطة . كانت الأحزاب التركية المتنافسة تتذكر تلك الأصوات
أثناء الحملات الإنتخابية لتعود و تنساها بعد ذلك بسرعة قياسية . وبسبب
حالة التخلف التي كانت تعاني منها كوردستان و طبيعة المجتمع الكردي و
العلاقات القبلية فإن الزعماء القبليين و الإقطاعيين و شيوخ الطرق الصوفية
كانوا المستفيدون الوحيدون من المتغيرات الجديدة ، إذ دخلوا في علاقات
متشابكة مع الأوساط الحاكمة في تركيا التي بدأت تمارس مع الكرد لعبة
سياسية مزدوجة تمثلت في شراء الأصوات الإنتخابية من الزعامات الكردية
التقليدية و دعم مواقعها الأجتماعية و الإقتصادية في المجتمع الكردي مع
الإستمرار في سياسة الإضطهاد و القهر القومي بحق الجماهير الشعبية الكردية
الواسعة التي بقيت تعاني الأمرين على أيدي السلطات التركية. وقد الذي مارس
سياسة في غاية العنصرية تجاههم لسبع و عشرين عاماً ( ١٩٢٣- ١٩٥٠ ) . و
أثبتت تلك الإنتخابات فشل سياسة ذلك الحزب في صهر الكرد و قهرهم رغم
إنتهاجه في السنوات الخمس الأخيرة من حكمه سياسة مزدوجة تجاه الكرد في
تركيا تمثلت في مغازلة الإقطاعيين الكرد و تخفيف الضغط عليهم في الوقت
الذي كان يمارس القمع بحق الجماهير الكردية الواسعة .

وكان مرشحوا الحزب الديمقراطي ينثرون الوعود الإنتخابية في
كوردستان و يتحدثون عن المساواة بين السكان و ضرورة الإهتمام بتطوير
الولايات الشرقية ( في محاولة منهم لتجنب استخدام كلمة كوردستان يشير
الأتراك عادة الى المناطق الكردية بتسمية شرق الأناضول أو الولايات
الشرقية أو جنوب شرق الأناضول بعد تكريس نتائج سياسات التتريك في مناطق
واسعة من كوردستان ) . ولكن هذه الوعود ( الديموقراطية ) سرعان ماطواها
النسيان بعد فوز الحزب الديمقراطي و وصوله الى دست الحكم في البلاد ، إذ
لم يجري إلغاء السياسات الجائرة التي مارستها حكومات حزب الشعب الجمهوري
على مدى أكثر من ربع قرن .

مع ذلك شهد الوضع السياسي في النصف الثاني من الخمسينات
إنفراجا نسبيا حاول الوطنيون الكرد إستغلاله لصالح القضية الكردية عن طريق
نشر و إصدار بعض الصحف و المجلات باللغة التركية . طالبت هذه الأصدارات
برفع الحيف عن الولايات الشرقية و ضرورة إيلاء الإهتمام بتطويرها . ولكن
الرد الحكومي جاء سريعا وذلك عندما ألقت السلطات القبض على ٤٩ من
السياسيين و الطلبة الكرد في ١٧ ديسمبر ١٩٥٩ ،وكان بينهم الكاتب الكردي
المعروف الشهيد موسى عنتر و العديد من الشخصيات الكردية التي لعبت فيما
بعد دورا بارزا في الحياة السياسية و الثقافية الكردية في تركيا . وكانت
التهمة الموجهة الى هؤلاء (النشاط الشيوعي الممنوع قانوناً في تركيا) وذلك
تناغما مع سياسة الدولة إزاء التحركات الكردية .

جاء الإنقلاب العسكري الأول في تركيا في ٢٧ آيار ١٩٦٠ ليضع
حدا لعملية الإنفراج السياسي و يقضي على التحرك الكردي و الديمقراطي في
البلاد ( أشار قادة الإنقلاب الى تزايد النشاط السياسي الكردي في مورد
تبريرهم لتحركهم العسكري) . وخلال العقدين التاليين أصبحت الإنقلابات
العسكرية ( حدث إنقلابان آخران في ١٩٧١ و ١٩٨٠ ) سمة أساسية في الحياة
السياسية التركية . فكلما تنامى نفوذ القوى الديمقراطية و اليسارية و معها
الحركة القومية الكردية وإزدادت شعبيتها كانت القيادة العسكرية تحرك القوى
القومية المتطرفة للأصطدام بها و القيام بأعمال أرهابية و إثارة الفوضى و
الرعب بل و تحويل المدن و الجامعات الى ساحات للصراع و الإقتتال ، الأمر
الذي كانت تلك القيادة تتخذه كمبرر للقيام بإنقلاب عسكري بحجة حماية وحدة
البلاد و أمن مواطنيها. وعندما تكرر هذا الأمر لثلاث مرات خلال عقدين من
الزمن ولم يعد مقنعا داخل تركيا و خارجها ، قرر الجنرالات إدارة البلاد
بصورة مباشرة من خلال إجراء تغييرات دستورية تؤمن لهم السيطرة على
مقدراتها . وهذا ما حدث بعد الإنقلاب الأخير في ١٢ أيلول ١٩٨٠ و لايزال
العسكر يمارسون سلطات واسعة من خلال مجلس الأمن القومي التركي الذي لا
يجرؤ أحد في تركيا بدءً برئيس الجمهورية و مروراً برئيس الوزراء و الوزراء
و رؤساء الأحزاب السياسية و القضاة …إلخ على الخروج على قراراته .

وقدر تعلق الأمر بالقضية الكردية أعلن قادة الإنقلاب العسكري
الأول إخلاصهم لسياسة إضطهاد الكرد و قمع أي تحرك لهم . فبعد أربعة أيام
فقط من قيام الإنقلاب نشرت الصحافة التركية مزاعم مفادها أن لجنة الوحدة
القومية ( اللجنة التي شكلها الإنقلابيون لإدارة البلاد) حصلت على أدلة
تفيد بأن بعض أعضاء الحزب الديمقراطي الحاكم كانوا يخططون لإقامة دولة
كوردستان المستقلة و إنها وضعت حداً للنشاطات التي كانت تهدف الى تفتيت
تركيا كما أن اللجنة ستقوم بفرض شعار

( تركيا للأتراك على الذين يفكرون بطريقة أخرى و لايؤمنون
بهذا الشعار الخالد!!) . وقد عبر يشار كمال ( الروائي المشهور و الكردي
الأصل ) بعد لقائه بالزعماء الجدد للبلاد بعد الإنقلاب مباشرة بأنهم (
يتبنون منهجا عنصريا تجاه القضية الكردية). وتصدى قائد الإنقلاب الجنرال
جمال كيورسل بنفسه لإعلان إلتزام النظام الجديد بتلك السياسة عندما خاطب
سكان مدينة آمد الكردية ( دياربكر) وأكد لهم بأن الأرض التي أنجبت ضياء
كيوك ألب ، منظر الأيديولوجية القومية التركية ، لايمكن أن تكون كردية و
أنكر وجود الكرد لا في دياربكر فقط بل في الولايات الشرقية كلها و إتهم
الذين يروجون لوجود الكرد في تركيا ( بمحاولة التفريق بين أبناء الأمة
الواحدة ) ولم ينسى الجنرال أن يتوعد الكرد بالويل و الثبور إذا لم
يلتزموا بمبادئ هذه السياسة أو حاولوا الخروج عليها . ونظرة الى الصحافة
التركية التي تعود الى تلك الأيام تكفي للأطلاع على الكم الهائل من
الأفكار العنصرية المشابهة لما كان يؤمن به زعيم الأنقلابيين ، و الذي
أبدى تخوفه من ( إنقراض الأمة التركية خلال ٥٠ عاماً إذا لم يتبنى النظام
رسميا سياسة الصهر القومي بحق العناصر الغير تركية). وكان من ب ين
الإتهامات التي وجهها زعماء الإنقلاب الى نظام عدنان مندريس وجلال بايار
هو غض النظر عن النشاط الكردي رغم قيام نظام مندريس - بايار بقمع كل تحرك
كردي مهما كان نوعه و حجمه .

و جرى إعتقال ٤٨٥ كردياً في اليوم الخامس من الإنقلاب و تم
حجزهم في سيواس . ولجأ النظام الجديد أيضا الى سياسة ترحيل العوائل
الكردية المشتبه بها الى غرب البلاد أو جمع أعداد كبيرة منها في معسكرات
شبيهة بمعسكرات الإعتقال ، والتي تطلق عليها عادة في تركيا و غيرها من
الدول التي تتحكم برقاب الكرد مصطلح غريب لايمت بصلة الى واقع هذه
المعسكرات ألا وهو

( المجمعات السكنية أو القرى العصرية !!). كما شهدت الفترة
١٩٥٩ - ١٩٦٥ محاكمات كثيرة للسياسيين الكرد. و كرد فعل على سياساتهم شهدت
بعض المدن الكردية تحركات شعبية واسعة ضد الأنقلابيين .

وجاء الدستور التركي الذي أقر عام ١٩٦١ ليكرس المبادئ
الأساسية لتلك السياسة العنصرية إزاء الكرد و القوميات الغير تركية في
البلاد . وكان طلب المؤرخ التركي المشهور و عضو لجنة إعداد الدستور طارق
ظفر طونايا بمساواة جميع اللغات في تركيا سبباً كافياً للإيقاع به من قبل
رئيس اللجنة لدى قادة الإنقلاب و عزله و زميل له من عضويتها . ولكن لم يكن
بالأمكان،لا من خلال بنود الدستور و لا عن طريق التهديد والوعيد إبقاء كرد
تركيا بعيدين عن التطورات التي كانت تجري على الجانب الآخر من الحدود ،
نقصد بها الأحداث التي كانت تشهدها كوردستان العراق.

من المعروف أن النظام الجديد في العراق و الذي أعقب إنقلاب ١٤
تموز ١٩٥٨ أقر حقيقة تاريخية قائمة دستوريا ، دون أن ينفذ شيئا منها على
الصعيد العملي ، وهي شراكة العرب و الكرد في الوطن العراقي . وأدى ذلك الى
جانب خطوات أخرى قام بها نظام قاسم مثل خروج العراق من حلف بغداد ( السنتو
) و تمتين العلاقات مع الدول الأشتراكية و غيرها من الخطوات الى إثارة
عداء تركيا التي لم تتوانى و بالتعاون مع شركة نفط العراق عن اللجوء الى
كل الوسائل لإضعاف النظام الجديد و غرقه بالمشاكل . وإليها بالذات تتوجه
أصابع الإتهام في إثارة أحداث كركوك في تموز عام ١٩٥٩ ( بعد خروج العراق
من حلف بغداد بأربعة أشهر فقط ) و العمل مع القوى الغربية لإسقاط نظام
قاسم بعد أن بدأ يفقد شعبيته بسبب تخبطه في سياساته و نزوعه نحو
الدكتاتورية و الفردية و حربه المجنونة ضد الشعب الكردي ، وهي أمور مهدت
الأرضية لمجئ نظام البعث الدموي في ٨ شباط ١٩٦٣ .

من المعروف أنه وبسبب سياسات حكومة قاسم اللاديمقراطية و
النزعات الشوفينية في أوساط القيادات العسكرية و الأمنية و الصحافة
البغدادية ضد الشعب الكردي إندلعت في ١١ أيلول ١٩٦١ حركة مسلحة في
كوردستان العراق بقيادة الحزب الديمقراطي الكوردستاني و زعيمه الراحل
مصطفى البارزاني تحت شعار ( الديمقراطية للعراق و الحكم الذاتي لكوردستان
) . تمكنت هذه الحركة أن تجمع القوى الوطنية الكردية في كوردستان العراق
حول نفسها ، كما إنها أثرت بصورة ملحوظة في كرد الأجزاء الأخرى من
كوردستان و الذين حاولوا رغم سياسات الملاحقة و التنكيل أن يمدوها
بالتعاطف و المساعدة ، بل أن العديد من أبنائها إلتحقوا بها و قاتلوا في
صفوفها.

وتحت تأثير أحداث كوردستان العراق لوحظت بوادر نهوض سياسي و
ثقافي كردي في تركيا تمثل في تشكيل بعض الأحزاب السياسية السرية كالحزب
الديمقراطي الكوردستاني في تركيا ( تأسس في منتصف الستينات على يد المحامي
فائق بوجاك و الذي أغتيل عام ١٩٦٧ عندما كان نائباً عن أورفة في البرلمان
التركي و عقد الحزب مؤتمره الأول عام ١٩٧٠ ) . كما ظهرت جمعيات مارست
نشاطا ثقافيا و سياسيا علنيا ولكن تحت مسميات غير كردية كنوادي الشرق
الثورية الثقافية ( DDKO ) . كان أعضاء هذه النوادي من طلبة الجامعات
الكرد الذين تبنوا في أغلبيتهم الساحقة أفكارا يسارية معادية للأوساط
الحاكمة التركية و القوى الكردية المرتبطة بها من الإقطاعيين و الزعماء
القبليين المحليين الذين وقفوا ضد الحركتين اليسارية التركية و القومية
الكردية. و قامت هذه الجمعيات التي ضمت في صفوفها أكثر من ٢٠ ألف عضو
بتنظيم تجمعات جماهيرية كبرى في المناطق الكردية عرفت بتجمعات الشرق . وقد
حلل عالم الأجتماع التركي إسماعيل بيشكجي المضامين الإجتماعية لتلك
التجمعات و شعاراتها و التي كانت تؤكد على ضرورة التخلي عن سياسة الأهمال
للمنطقة الكردية و من خلال إبقائها في بحور الفقر و الأمية و المرض
وإغراقها بمراكز الجندرمة و السجون و مراكز البوليس بدلا من المدارس و
المستشفيات . وعلى سبيل المثال فقط نشير الى أن الدولة كانت تخطط لبناء
سجن كبير في هكاري أعتبر في حينه أكبر ( مشروع ) على صعيد الولاية كلها .
كما رددت خلال تلك التجمعات شعارات معادية للإقطاعيين المحليين الذين
تحولوا الى أذناب للسلطة الغاشمة في كوردستان. لعبت التجمعات المذكورة
دورا مهما في جذب الجماهير الواسعة الى حلبة النشاط السياسي الأمر الذي
أثار الهلع في نفوس الأوساط الحاكمة في تركيا .

من المهم أن نشير هنا الى أن الفئة المثقفة الكردية لعبت
دوراً مهماً في مواصلة المقاومة الروحية التي أبداها الشعب الكردي بوجه
سياسات الإنكار و القمع و الصهر القومي الحكومية على مدى العقود الطويلة
من عمر الجمهورية التركية . ويعتبر الشهيد موسى عنتر رائدا في هذا المجال
و لم تنسى السلطات التركية جريمته! تلك و قتلته في أيلول عام ١٩٩٢ بصورة
بشعة بعد أن تجاوز السبعين من العمر ورمت بجثته ممزقة على قارعة الطريق .
وظهر الى جانبه عدد آخر من المثقفين الكرد الذين أصدروا بعض المجلات و
الجرائد باللغتين التركية والكردية والتي لم تتجاوز الأعداد التي صدرت من
أي منها عدد أصابع اليد ، إذ سرعان ماكانت السلطات تمنعها و تلقي بأصحابها
و كتابها في غياهب السجون أو تقتلهم عن طريق قتلة مأجورين لتسجل الحوادث
في
سورجي بؤ هه مووان
سورجي بؤ هه مووان
سه رؤكى سايت
سه رؤكى سايت

عدد المساهمات/زماره ى به شداريه كان : 3288
تاريخ التسجيل : 11/03/2010

https://surchy.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى