المواضيع الأخيرة
بحـث
دخول
مايو 2024
الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت | الأحد |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | 3 | 4 | 5 | ||
6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 |
13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 |
20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 |
27 | 28 | 29 | 30 | 31 |
هل تحسين القراءة في الصلاة من الرياء ؟
صفحة 1 من اصل 1
هل تحسين القراءة في الصلاة من الرياء ؟
السؤال:
فقد
منَّ الله عليَّ بصوت حسن وتلاوة طيبة لكتابه العزيز ، وقد اقترح عليَّ
أهل المسجد أن أكون إماماً لهم في صلاة التراويح ، علماً بأني أحفظ أكثر من
نصف القرآن ، وأسأل الله أن يتم عليَّ نعمته بحفظ كتابه ، وقد ترددت في
البداية خوفاً من الرياء لكنِّي استخرت الله عز وجل ، ثم قبلت ، والآن أنا
أؤم القوم في المسجد ولكني أخاف من الرياء وأن يحبط عملي ، ودائما أسأل
الله الإخلاص ، وتراني أحاول إتقان التلاوة عندما أؤم الناس لكي يخشعوا أما
أنا فأتأثر بالآيات إذا قرأتها وحدي ، وعندما أكون إماماً أحاول أن أتأثر
بها وأن أتفكر في معانيها لكني قلَّ ما أفعل , وإن فعلت فأحاول أن لا أظهر
ذلك أمام الناس . فماذا يجب أن تكون نيتي وأنا أؤم الناس ؟ وكيف أحقق
الإخلاص وأتغلب على وسواس الرياء ؟ . وجزاكم الله خيراً .
الجواب:
فقد
منَّ الله عليَّ بصوت حسن وتلاوة طيبة لكتابه العزيز ، وقد اقترح عليَّ
أهل المسجد أن أكون إماماً لهم في صلاة التراويح ، علماً بأني أحفظ أكثر من
نصف القرآن ، وأسأل الله أن يتم عليَّ نعمته بحفظ كتابه ، وقد ترددت في
البداية خوفاً من الرياء لكنِّي استخرت الله عز وجل ، ثم قبلت ، والآن أنا
أؤم القوم في المسجد ولكني أخاف من الرياء وأن يحبط عملي ، ودائما أسأل
الله الإخلاص ، وتراني أحاول إتقان التلاوة عندما أؤم الناس لكي يخشعوا أما
أنا فأتأثر بالآيات إذا قرأتها وحدي ، وعندما أكون إماماً أحاول أن أتأثر
بها وأن أتفكر في معانيها لكني قلَّ ما أفعل , وإن فعلت فأحاول أن لا أظهر
ذلك أمام الناس . فماذا يجب أن تكون نيتي وأنا أؤم الناس ؟ وكيف أحقق
الإخلاص وأتغلب على وسواس الرياء ؟ . وجزاكم الله خيراً .
الجواب:
الحمد لله
أولاً:
اعلم أخانا الفاضل أن للشيطان مداخل على الصالحين ليتركوا طاعاتهم
وعباداتهم ، فليس كل ما تشعر به أنه رياء هو كذلك ، وودَّ الشيطان لو ظفر
بهذا من مثلك ليترك أحدكم طاعته وعبادته فيحقق للشيطان مقصوده ، وإنما يبحث
المسلم عن قلبه فيرى سلامته من عدمه ، وينزه أفعاله أن تُصرف لغير الله ،
فيحافظ على عبادته أن لا يقوم بها ، ويحافظ عليها أن لا يضيع أجرها عند ربه
.
ثانياً:
ومما ينبغي عليك معرفته أن تحسين الصوت وإتقان التلاوة في الصلاة ليسمعها
الناس ليست من باب الرياء والسمعة من جهة ، وهي كذلك من جهة أخرى :
1. فإذا كنتَ تقصد بحسن قراءتك حصول الخشوع لقلبك والبكاء لعينك ، أو من
أجل أن يتأثر الناس : فعملك مشروع ، بل هو مرغَّب فيه ، ومما يدل على ذلك :
أ. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ ) .
رواه البخاري ( 7089 ) .
قال النووي – رحمه الله - :
وقوله ( يتغنى بالقرآن ) معناه عند الشافعي وأصحابه وأكثر العلماء من الطوائف وأصحاب الفنون : يحسِّن صوته به .
" شرح مسلم " ( 6 / 78 ) .
والحديث رواه أبو داود ( 1471 ) وفيه زيادة :
قَالَ عبد الجبار بن الورد – أحد رجال الإسناد - : فَقُلْتُ لِابْنِ أَبِي
مُلَيْكَةَ : يَا أَبَا مُحَمَّدٍ أَرَأَيْتَ إِذَا لَمْ يَكُنْ حَسَنَ
الصَّوْتِ ؟ قَالَ : " يُحَسِّنُهُ مَا اسْتَطَاعَ " .
قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله - :
الذي يتحصل من الأدلة : أن حسن الصوت بالقرآن مطلوب ، فإن لم يكن حسناً
فليحسنه ما استطاع كما قال ابن أبي مليكة أحد رواة الحديث ، وقد أخرج ذلك
عنه أبو داود بإسناد صحيح .
" فتح الباري " ( 9 / 72 ) .
ب. عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ ) .
رواه أبو داود ( 1468 ) والنسائي ( 1015 ) وابن ماجه ( 1342 ) .
قال الإمام أبو بكر الآجُرِّي – رحمه الله - :
عن صالح بن أحمد بن حنبل عن أبيه قال : قلت له قول النبي صلى الله عليه
وسلم ( زينوا القرآن بأصواتكم ) ما معناه ؟ قال : التزين : أن تحسِّنه .
" أخلاق أهل القرآن " ( ص 160 ) وصححه محققه عنه .
ومما يؤكِّد جواز التكلف من أجل تحسين القراءة وجمال الصوت :
ج. عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم ( لَوْ رَأَيْتَنِي وَأَنَا أَسْمَعُ قِرَاَءَتَكَ الْبَارِحَةَ
لَقَدْ أُوتِيتَ مِزْمَاراً مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ ) فَقَالَ : لَوْ
عُلِّمْتُ لحَبَّرْتُهُ لَكَ تَحْبِيراً .
رواه البيهقي في " سننه " ( 3 / 12 ) وقال الألباني – في " صحيح أبي داود " ( 5 / 232 ) - : سنده جيد على شرط مسلم .
قال الحافظ ابن كثير – رحمه الله - :
فدل على جواز تعاطي ذلك وتكلفه ، وقد كان أبو موسى كما قال عليه السلام قد
أعطي صوتاً حسناً ، مع خشية تامة ورقة أهل اليمن الموصوفة ، فدل على أن هذا
من الأمور الشرعية .
" تفسير ابن كثير " ( 1 / 63 ) .
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :
قال العلماء : وفي هذا دليل على أن الإنسان لو حسَّن صوتَه بالقرآن لأجل أن
يتلذذ السامع ويسر به : فإن ذلك لا بأس به ، ولا يعدُّ من الرياء ، بل هذا
مما يدعو إلى الاستماع لكلام الله عز وجل حتى يسر الناس به .
" شرح رياض الصالحين " ( 4 / 662 ) .
2. وأما إن كنتَ تحسِّن صوتك في قراءتك للقرآن من أجل أن يمدحك الناس ، أو
من أجل أن يقولوا : هذا قراءته جيدة : فيكون فعلك من باب الرياء والسمعة .
قال الشيخ صالح الفوزان – حفظه الله - :
والرياء مأخوذ من الرؤية ، وذلك بأن يزيِّن العمل ويحسِّنه من أجل أن يراه
الناس ويمدحوه ويثنوا عليه ، أو لغير ذلك من المقاصد ، فهذا يسمَّى رياء ؛
لأنه يقصد رؤية الناس له .
والفرق بين الرياء والسمعة : أن الرياء فيما يُرى من الأعمال التي ظاهرها
لله وباطنها لغيره كالصلاة والصدقة ، أما السمعة : فهي لِمَا يُسْمَع من
الأقوال التي ظاهرها لله والقصد منها لغير الله كالقراءة والذكر والوعظ
وغير ذلك من الأقوال ، وقصد المتكلِّم أن يَسمع النّاس كلامه فيثنوا عليه ،
ويقولوا : هو جيِّد في الكلام ، جيِّد في المحاورة ، جيِّد في الخُطْبة ،
إنه حسن الصوت في القرآن إذا كان يحسِّن صوته بالقرآن لأجل ذلك ، فإذا كان
يُلقي المحاضرات والندوات والدروس من أجل أن يمدحه النّاس : فهذا سُمعة .
" إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد " ( ص 646 ) .
ثالثاً:
نختم معك سؤالك المهم بوصيتين جامعتين إحداهما لإمامٍ من السلف ، والأخرى
لإمام معاصر ، ومع الوصية الثانية إجابة على مسائلك كلها ؛ حيث ورد لصاحبها
سؤال مطابق لسؤالك .
أ. قال الإمام أبو بكر الآجُرِّي – رحمه الله - :
ينبغي لمن رزقه الله حسن الصوت بالقرآن أن يعلم أن الله قد خصه بخير عظيم ؛
فليعرف قدر ما خصه الله به ، وليقرأ لله ، لا للمخلوقين ، وليحذر من الميل
إلى أن يستمع منه ليحظى به عند السامعين رغبة في الدنيا ، والميل إلى حسن
الثناء والجاه عند أبناء الدنيا ، والصلات بالملوك ، دون الصلات بعوام
الناس ؛ فمن مالت نفسه إلى ما نهيته عنه : خفت أن يكون حسن صوته فتنة عليه ،
وإنما ينفعه حسن صوته إذا خشي الله عز وجل في السر والعلانية ، وكان مراده
أن يستمع منه القرآن لينتبه أهل الغفلة عن غفلتهم ، فيرغبوا فيما رغبهم
الله عز وجل ، وينتهوا عما نهاهم ؛ فمن كانت هذه صفته انتفع بحسن صوته ،
وانتفع به الناس.
" أخلاق أهل القرآن " ( ص 161 ) .
ب. سئل الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله - :
ما هو السبيل في عدم الشعور بإتقان الصلاة والخشوع فيها ؛ حيث إنني أقوم
إماماً لأهل الحي في الصلوات الخمس ولله الحمد ، ولكن كل محاولتي لحفظ
القرآن وتجويد القراءة أثناء كل صلاتي : أشعر أني أرائي الناس فيها ، خاصة
الصلوات الجهرية ، حيث إنني أحسن من الصوت وإطالة القراءة حتى يخيل إليَّ
أني أفعل ذلك من أجل إشعار الناس أني أهل للإمامة ، ما حكم ذلك ؟ .
فأجاب :
عليك - يا أخي - أن تستمر في عملك هذا ، مع سؤال الله التوفيق للإخلاص ،
والحرص على التعوذ بالله من الرياء ، وأبشر بالخير ، ودع عنك الوساوس التي
يمليها الشيطان بأنك تقصد الرياء وتحسين صوتك لأجل مدح الناس أو ليقولوا :
إنك أهل للإمامة ، دع عنك هذه الوساوس ، وأبشر بالخير ، وأنت مأمور بتحسين
الصوت في القراءة حتى ينتفع بك المأمومون ، ولا عليك شيء مما يخطر من
الوساوس بل حاربها ، حاربها بالتعوذ بالله من الشيطان ، وسؤال الله التوفيق
والهداية والإعانة على الخير ، وأنت على خير عظيم ، واستمر في الإمامة ،
وأحسن إلى إخوانك ، واجتهد في تحسين الصوت ، فقد جاء الحديث عن رسول الله
عليه الصلاة والسلام أنه قال ( ليس منا من لم يتغن بالقرآن - يجهر به - )
يعني : يحسِّن صوته بالقراءة ، فتحسين الصوت بالقراءة من أعظم الأسباب
للتدبر والتعقل ، وفهم المعنى ، والتلذذ بسماع القرآن ، وفي الحديث الصحيح
يقول النبي صلى الله عليه وسلم ( ما أذِن الله لشيء ما أذن لنبيٍّ حسن
الصوت بالقرآن يجهر به ) – رواه البخاري - يعني : ما استمع الله سبحانه
لشيء كاستماعه لنبي ، وهو استماع يليق بالله لا يشابهه صفات المخلوقين ؛
فإن صفات الله سبحانه تليق به لا يشابهه أحد من خلقه جل وعلا ، كما قال
سبحانه ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) الشورى/
11 ، ولكن يدلنا هذا على أن الله سبحانه يحب تحسين الصوت بالقراءة ، ويحب
أن القراء يجتهدون في تحسين أصواتهم حتى ينتفعوا وحتى ينتفع من يستمع
لقراءتهم ، وما يخطر ببالك من الرياء : فهو من الشيطان ، فلا تلتفت إلى ذلك
، وحارب عدو الله بالاستعاذة بالله منه ، والاستمرار بتحسين صوتك ،
والإحسان في قراءتك ، مع الخشوع في ركوعك وسجودك وسائر أحوال الصلاة ، وأنت
على خير إن شاء الله ، نسأل الله لنا ولك التوفيق والثبات على الحق .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 30 / 129 – 131 ) .
فقد تبين أن تحسين صوتك
في القراءة أمر مرغَّب به محمود ، وتجنب فعل ذلك من أجل مدح الناس لك ،
ولتكن نيتك الاستجابة لأمر النبي صلى اله عليه وسلم بالتغني بالقرآن ،
وبتزيينه بالصوت الحسن ، ولتكن نيتك أن يتأثر الناس بكلام الله ويخشعون
بسماعه ، وجاهد نفسك لتكون واحداً منهم في تأثير القرآن عليك ، واصرف عنك
وسوسة الشيطان بترك الإمامة ، بل ابق فيها مع حسن النية والقصد .
والله أعلم.
أولاً:
اعلم أخانا الفاضل أن للشيطان مداخل على الصالحين ليتركوا طاعاتهم
وعباداتهم ، فليس كل ما تشعر به أنه رياء هو كذلك ، وودَّ الشيطان لو ظفر
بهذا من مثلك ليترك أحدكم طاعته وعبادته فيحقق للشيطان مقصوده ، وإنما يبحث
المسلم عن قلبه فيرى سلامته من عدمه ، وينزه أفعاله أن تُصرف لغير الله ،
فيحافظ على عبادته أن لا يقوم بها ، ويحافظ عليها أن لا يضيع أجرها عند ربه
.
ثانياً:
ومما ينبغي عليك معرفته أن تحسين الصوت وإتقان التلاوة في الصلاة ليسمعها
الناس ليست من باب الرياء والسمعة من جهة ، وهي كذلك من جهة أخرى :
1. فإذا كنتَ تقصد بحسن قراءتك حصول الخشوع لقلبك والبكاء لعينك ، أو من
أجل أن يتأثر الناس : فعملك مشروع ، بل هو مرغَّب فيه ، ومما يدل على ذلك :
أ. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ ) .
رواه البخاري ( 7089 ) .
قال النووي – رحمه الله - :
وقوله ( يتغنى بالقرآن ) معناه عند الشافعي وأصحابه وأكثر العلماء من الطوائف وأصحاب الفنون : يحسِّن صوته به .
" شرح مسلم " ( 6 / 78 ) .
والحديث رواه أبو داود ( 1471 ) وفيه زيادة :
قَالَ عبد الجبار بن الورد – أحد رجال الإسناد - : فَقُلْتُ لِابْنِ أَبِي
مُلَيْكَةَ : يَا أَبَا مُحَمَّدٍ أَرَأَيْتَ إِذَا لَمْ يَكُنْ حَسَنَ
الصَّوْتِ ؟ قَالَ : " يُحَسِّنُهُ مَا اسْتَطَاعَ " .
قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله - :
الذي يتحصل من الأدلة : أن حسن الصوت بالقرآن مطلوب ، فإن لم يكن حسناً
فليحسنه ما استطاع كما قال ابن أبي مليكة أحد رواة الحديث ، وقد أخرج ذلك
عنه أبو داود بإسناد صحيح .
" فتح الباري " ( 9 / 72 ) .
ب. عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ ) .
رواه أبو داود ( 1468 ) والنسائي ( 1015 ) وابن ماجه ( 1342 ) .
قال الإمام أبو بكر الآجُرِّي – رحمه الله - :
عن صالح بن أحمد بن حنبل عن أبيه قال : قلت له قول النبي صلى الله عليه
وسلم ( زينوا القرآن بأصواتكم ) ما معناه ؟ قال : التزين : أن تحسِّنه .
" أخلاق أهل القرآن " ( ص 160 ) وصححه محققه عنه .
ومما يؤكِّد جواز التكلف من أجل تحسين القراءة وجمال الصوت :
ج. عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم ( لَوْ رَأَيْتَنِي وَأَنَا أَسْمَعُ قِرَاَءَتَكَ الْبَارِحَةَ
لَقَدْ أُوتِيتَ مِزْمَاراً مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ ) فَقَالَ : لَوْ
عُلِّمْتُ لحَبَّرْتُهُ لَكَ تَحْبِيراً .
رواه البيهقي في " سننه " ( 3 / 12 ) وقال الألباني – في " صحيح أبي داود " ( 5 / 232 ) - : سنده جيد على شرط مسلم .
قال الحافظ ابن كثير – رحمه الله - :
فدل على جواز تعاطي ذلك وتكلفه ، وقد كان أبو موسى كما قال عليه السلام قد
أعطي صوتاً حسناً ، مع خشية تامة ورقة أهل اليمن الموصوفة ، فدل على أن هذا
من الأمور الشرعية .
" تفسير ابن كثير " ( 1 / 63 ) .
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :
قال العلماء : وفي هذا دليل على أن الإنسان لو حسَّن صوتَه بالقرآن لأجل أن
يتلذذ السامع ويسر به : فإن ذلك لا بأس به ، ولا يعدُّ من الرياء ، بل هذا
مما يدعو إلى الاستماع لكلام الله عز وجل حتى يسر الناس به .
" شرح رياض الصالحين " ( 4 / 662 ) .
2. وأما إن كنتَ تحسِّن صوتك في قراءتك للقرآن من أجل أن يمدحك الناس ، أو
من أجل أن يقولوا : هذا قراءته جيدة : فيكون فعلك من باب الرياء والسمعة .
قال الشيخ صالح الفوزان – حفظه الله - :
والرياء مأخوذ من الرؤية ، وذلك بأن يزيِّن العمل ويحسِّنه من أجل أن يراه
الناس ويمدحوه ويثنوا عليه ، أو لغير ذلك من المقاصد ، فهذا يسمَّى رياء ؛
لأنه يقصد رؤية الناس له .
والفرق بين الرياء والسمعة : أن الرياء فيما يُرى من الأعمال التي ظاهرها
لله وباطنها لغيره كالصلاة والصدقة ، أما السمعة : فهي لِمَا يُسْمَع من
الأقوال التي ظاهرها لله والقصد منها لغير الله كالقراءة والذكر والوعظ
وغير ذلك من الأقوال ، وقصد المتكلِّم أن يَسمع النّاس كلامه فيثنوا عليه ،
ويقولوا : هو جيِّد في الكلام ، جيِّد في المحاورة ، جيِّد في الخُطْبة ،
إنه حسن الصوت في القرآن إذا كان يحسِّن صوته بالقرآن لأجل ذلك ، فإذا كان
يُلقي المحاضرات والندوات والدروس من أجل أن يمدحه النّاس : فهذا سُمعة .
" إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد " ( ص 646 ) .
ثالثاً:
نختم معك سؤالك المهم بوصيتين جامعتين إحداهما لإمامٍ من السلف ، والأخرى
لإمام معاصر ، ومع الوصية الثانية إجابة على مسائلك كلها ؛ حيث ورد لصاحبها
سؤال مطابق لسؤالك .
أ. قال الإمام أبو بكر الآجُرِّي – رحمه الله - :
ينبغي لمن رزقه الله حسن الصوت بالقرآن أن يعلم أن الله قد خصه بخير عظيم ؛
فليعرف قدر ما خصه الله به ، وليقرأ لله ، لا للمخلوقين ، وليحذر من الميل
إلى أن يستمع منه ليحظى به عند السامعين رغبة في الدنيا ، والميل إلى حسن
الثناء والجاه عند أبناء الدنيا ، والصلات بالملوك ، دون الصلات بعوام
الناس ؛ فمن مالت نفسه إلى ما نهيته عنه : خفت أن يكون حسن صوته فتنة عليه ،
وإنما ينفعه حسن صوته إذا خشي الله عز وجل في السر والعلانية ، وكان مراده
أن يستمع منه القرآن لينتبه أهل الغفلة عن غفلتهم ، فيرغبوا فيما رغبهم
الله عز وجل ، وينتهوا عما نهاهم ؛ فمن كانت هذه صفته انتفع بحسن صوته ،
وانتفع به الناس.
" أخلاق أهل القرآن " ( ص 161 ) .
ب. سئل الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله - :
ما هو السبيل في عدم الشعور بإتقان الصلاة والخشوع فيها ؛ حيث إنني أقوم
إماماً لأهل الحي في الصلوات الخمس ولله الحمد ، ولكن كل محاولتي لحفظ
القرآن وتجويد القراءة أثناء كل صلاتي : أشعر أني أرائي الناس فيها ، خاصة
الصلوات الجهرية ، حيث إنني أحسن من الصوت وإطالة القراءة حتى يخيل إليَّ
أني أفعل ذلك من أجل إشعار الناس أني أهل للإمامة ، ما حكم ذلك ؟ .
فأجاب :
عليك - يا أخي - أن تستمر في عملك هذا ، مع سؤال الله التوفيق للإخلاص ،
والحرص على التعوذ بالله من الرياء ، وأبشر بالخير ، ودع عنك الوساوس التي
يمليها الشيطان بأنك تقصد الرياء وتحسين صوتك لأجل مدح الناس أو ليقولوا :
إنك أهل للإمامة ، دع عنك هذه الوساوس ، وأبشر بالخير ، وأنت مأمور بتحسين
الصوت في القراءة حتى ينتفع بك المأمومون ، ولا عليك شيء مما يخطر من
الوساوس بل حاربها ، حاربها بالتعوذ بالله من الشيطان ، وسؤال الله التوفيق
والهداية والإعانة على الخير ، وأنت على خير عظيم ، واستمر في الإمامة ،
وأحسن إلى إخوانك ، واجتهد في تحسين الصوت ، فقد جاء الحديث عن رسول الله
عليه الصلاة والسلام أنه قال ( ليس منا من لم يتغن بالقرآن - يجهر به - )
يعني : يحسِّن صوته بالقراءة ، فتحسين الصوت بالقراءة من أعظم الأسباب
للتدبر والتعقل ، وفهم المعنى ، والتلذذ بسماع القرآن ، وفي الحديث الصحيح
يقول النبي صلى الله عليه وسلم ( ما أذِن الله لشيء ما أذن لنبيٍّ حسن
الصوت بالقرآن يجهر به ) – رواه البخاري - يعني : ما استمع الله سبحانه
لشيء كاستماعه لنبي ، وهو استماع يليق بالله لا يشابهه صفات المخلوقين ؛
فإن صفات الله سبحانه تليق به لا يشابهه أحد من خلقه جل وعلا ، كما قال
سبحانه ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) الشورى/
11 ، ولكن يدلنا هذا على أن الله سبحانه يحب تحسين الصوت بالقراءة ، ويحب
أن القراء يجتهدون في تحسين أصواتهم حتى ينتفعوا وحتى ينتفع من يستمع
لقراءتهم ، وما يخطر ببالك من الرياء : فهو من الشيطان ، فلا تلتفت إلى ذلك
، وحارب عدو الله بالاستعاذة بالله منه ، والاستمرار بتحسين صوتك ،
والإحسان في قراءتك ، مع الخشوع في ركوعك وسجودك وسائر أحوال الصلاة ، وأنت
على خير إن شاء الله ، نسأل الله لنا ولك التوفيق والثبات على الحق .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 30 / 129 – 131 ) .
فقد تبين أن تحسين صوتك
في القراءة أمر مرغَّب به محمود ، وتجنب فعل ذلك من أجل مدح الناس لك ،
ولتكن نيتك الاستجابة لأمر النبي صلى اله عليه وسلم بالتغني بالقرآن ،
وبتزيينه بالصوت الحسن ، ولتكن نيتك أن يتأثر الناس بكلام الله ويخشعون
بسماعه ، وجاهد نفسك لتكون واحداً منهم في تأثير القرآن عليك ، واصرف عنك
وسوسة الشيطان بترك الإمامة ، بل ابق فيها مع حسن النية والقصد .
والله أعلم.
مواضيع مماثلة
» لابد من تحريك الشفتين في الصلاة في القراءة والأذكار. العلامة العثيمين.
» على من تجب الصلاة؟
» حكم تأخير الصلاة
» حكم البكاء في الصلاة
» حكم قطع الصلاة عند حدوث أمر مهم
» على من تجب الصلاة؟
» حكم تأخير الصلاة
» حكم البكاء في الصلاة
» حكم قطع الصلاة عند حدوث أمر مهم
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الثلاثاء أبريل 10, 2018 10:59 am من طرف سورجي بؤ هه مووان
» معلومات عن دراسة تخصص طب الأشعة | INFORMATION ABOUT MEDICAL RADIOLOGY STUDY ABROAD
الثلاثاء أبريل 10, 2018 10:56 am من طرف سورجي بؤ هه مووان
» بحث حول إدارة الموارد البشرية
الثلاثاء أبريل 10, 2018 10:45 am من طرف سورجي بؤ هه مووان
» موضوع ترميم الآثار
الإثنين أبريل 09, 2018 12:17 pm من طرف سورجي بؤ هه مووان
» موضوع هندسة البرمجيّات
الإثنين أبريل 09, 2018 12:13 pm من طرف سورجي بؤ هه مووان
» موضوع الأسواق والمنشأت المالية "FMI
الإثنين أبريل 09, 2018 12:03 pm من طرف سورجي بؤ هه مووان
» تعريف نظم المعلومات
الإثنين أبريل 09, 2018 12:01 pm من طرف سورجي بؤ هه مووان
» موضوع عن علوم السياسية
الإثنين أبريل 09, 2018 11:59 am من طرف سورجي بؤ هه مووان
» موضوع عن الجمارك جمرك المالية
الإثنين أبريل 09, 2018 11:57 am من طرف سورجي بؤ هه مووان