سورجی (بۆهه‌مووان)
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.












المواضيع الأخيرة
» معلومات عن دراسة تخصص طب الأشعة | INFORMATION ABOUT MEDICAL RADIOLOGY STUDY ABROAD
مزايا دعوة الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب (رحمه الله تعالى) Emptyالثلاثاء أبريل 10, 2018 10:59 am من طرف سورجي بؤ هه مووان

» معلومات عن دراسة تخصص طب الأشعة | INFORMATION ABOUT MEDICAL RADIOLOGY STUDY ABROAD
مزايا دعوة الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب (رحمه الله تعالى) Emptyالثلاثاء أبريل 10, 2018 10:56 am من طرف سورجي بؤ هه مووان

» بحث حول إدارة الموارد البشرية
مزايا دعوة الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب (رحمه الله تعالى) Emptyالثلاثاء أبريل 10, 2018 10:45 am من طرف سورجي بؤ هه مووان

» موضوع ترميم الآثار
مزايا دعوة الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب (رحمه الله تعالى) Emptyالإثنين أبريل 09, 2018 12:17 pm من طرف سورجي بؤ هه مووان

» موضوع هندسة البرمجيّات
مزايا دعوة الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب (رحمه الله تعالى) Emptyالإثنين أبريل 09, 2018 12:13 pm من طرف سورجي بؤ هه مووان

» موضوع الأسواق والمنشأت المالية "FMI
مزايا دعوة الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب (رحمه الله تعالى) Emptyالإثنين أبريل 09, 2018 12:03 pm من طرف سورجي بؤ هه مووان

» تعريف نظم المعلومات
مزايا دعوة الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب (رحمه الله تعالى) Emptyالإثنين أبريل 09, 2018 12:01 pm من طرف سورجي بؤ هه مووان

» موضوع عن علوم السياسية
مزايا دعوة الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب (رحمه الله تعالى) Emptyالإثنين أبريل 09, 2018 11:59 am من طرف سورجي بؤ هه مووان

» موضوع عن الجمارك جمرك المالية
مزايا دعوة الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب (رحمه الله تعالى) Emptyالإثنين أبريل 09, 2018 11:57 am من طرف سورجي بؤ هه مووان

بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

دخول

لقد نسيت كلمة السر

نوفمبر 2024
الإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبتالأحد
    123
45678910
11121314151617
18192021222324
252627282930 

اليومية اليومية


مزايا دعوة الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب (رحمه الله تعالى)

اذهب الى الأسفل

اخبار مزايا دعوة الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب (رحمه الله تعالى)

مُساهمة من طرف سورجي بؤ هه مووان الأربعاء أبريل 20, 2011 11:07 pm

مزايا دعوة الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب (رحمه الله تعالى)

سلطان بن عبد الرحمن العيد



(مقدمة)



الحمد
لله ربِّ العالمين, والعاقبة للمتقين, ولا عدوان إلا على الظالمين,
ولا إله إلا الله, إلهُ الأولين والآخرين, وقيومُ السماوات
والأرضين, ومالكُ يوم الدين, الذي لا فوزَ إلا في طاعته, ولا عزَّ
إلا بالتذلل لعظمته, ولا غنى إلا في الافتقار إلى رحمته, ولا حياةَ
إلا في رضاه, ولا نعيمَ إلا في قربه, ولا صلاحَ للقلب ولا فلاح إلا
في الإخلاص له وتوحيده وحبه, الذي إذا أُطيعَ شكر, وإذا عُصيَ تابَ
وغفر, وإذا دُعِيَ أجاب, الحمد لله الذي شهدتْ له بالربوبية جميعُ
مخلوقاته, وأقرتْ له بالإلهية جميعُ مصنوعاته, فلا إله إلا الله, لا
إله إلا الله وحده لا شريك له في إلهيته, ولا سَمِيَّ له
ولا كفوَ له ولا نِدَّ, أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له,
كلمةٌ قامت بها السماوات والأرضين, وبها أرسل اللهُ رسلَه, وأنزلَ
كتبَه, وشرعَ شرائعَه, ولأجلها نُصِبَتْ الموازين, ووُضِعَتْ
الدواوين, وقامَ سوقُ الجنة والنار, وبها انقسمَتْ الخليقة إلى
مسلمين وكفار, وأبرار وفجار, وعليها نُصِبَتْ القبلةُ وأُسِسَتْ
الملةُ, ولأجلها جُهِّزَتْ سيوفُ الجهاد, وهي حقُّ الله على جميع
العباد, فهي كلمةُ الإسلام, ومفتاحُ دار السلام, فلا إله إلا اللهُ
عددَ خلقه, ورضى نفسه, وزِنةَ عرشه, ومِدادَ كلماته, وأشهد
أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه, وأمينُه على وحيه, وخيرتُه من خلقه,
أرسله اللهُ رحمةً للعالمين, وإماماً للمتقين, وحجةً على الخلائقِ
أجمعين, أرسله على حين فترةٍ من الرسل, فهدى به إلى أقومِ الطرقِ
وأوضحِ السُّبل, وافترضَ الله على العبادِ طاعتَه ومحبتَه وتوقيرَه,
وسدَّ دون جنته الطرق, فلم يفتح لأحد إلا من طريقه, وشرحَ له
صدرَه, ورفعَ له ذكرَه, ووضعَ عنه وزرَه, وجعلَ الذِّلةَ والصَغارَ
على من خالفَ أمرَه, فتحَ اللهُ برسالته أعيناً عمياً, وآذاناً
صماً, وقلوباًَ غلفاً, فبلَّغَ الرسالةَ, وأدَّى الأمانةَ, ونصحَ
الأمةَ, وجاهدَ في اللهِ حقَّ جهادِه, فأشرقَتْ برسالته الأرضُ
بعدَ ظلماتِها, وتألفَتْ به القلوبُ بعدَ شتاتِها, فصلواتُ الله
وسلامُه عليه ما تعاقبَ الليلُ والنهارُ.






(تمهيد/ العلماء هم حملةُ الشريعةِ المطهرة, وأنصارُ الملةِ المؤيدة)


معاشرَ المؤمنين: لقد
بعثَ اللهُ نبيَّه محمداً صلى الله عيه وسلم بالهدى ودينِ
الحقِّ ليظهرَه على الدينِ كلِّه, فأكملَ اللهُ به الدينَ, وأتمَ به
النعمة, ودخلَ الناسُ في دين الله أفواجاً, وأشرقَتْ الأرضُ بنورِ
النبوة, وارتفعَتْ رايةُ التوحيدِ والسنة, وانطمسَتْ معالمُ الشرك
والوثنية, وعُبِدَ الله وحدَه, فما تُوفِيَ رسولُ الله صلى الله
عليه وسلم إلا وقد بيَّنَ للأمةِ معالمَ دينها, وتركها على المحجةِ
البيضاءِ ليلُها كنهارِها, ودرجَ على هذا المنهجِ القويم خلفاؤه
الراشدون وصحبُه المهديون, فبيَّنوا للناس الملةَ الحنيفيةَ
ودَعَوهم إليها, وحذروا من سُبُلِ أهلِ الشركِ والبدعة, كما قال
ربُّنا جلَّ وعلا: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ
عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ
وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (يوسف:108) ثمَّ إنَّهم خلفَتْ من
بعدهم خُلوفٌ يقولون ما لا يفعلون, ويفعلون ما لا يُؤمرون, وهذا
مصداقُ ما أخبر به النبيُّ صلى الله عليه وسلم, ولكن اللهَ
ضمنَ لهذه الأمة بقاءَ دينِها وحفظَه عليها, وهذا إنَّما يحصلُ
بإقامةِ من يقيمُه الله من أفاضيلِ خليقتِه وخواصِ بريَّتِه, وهم
حملةُ الشريعةِ المطهرة, وأنصارُ الملةِ المؤيدة, الذّابّون عن
حياضِ السنةِ والتوحيد, المجاهدون مرات خلالَ عرى كلمةِ التقوى,
فأظهر اللهُ بكلِّ طبقةٍ من فقهائها أئمةً يُقتدى بهم, ويُنتهى إلى
رأيهم, فنصروا السنةَ وحاربوا البدعة, ودَعَوا إلى توحيدِ ربِّ
العالمين, وحذّروا من سبلِ المشركين.





وكان من أجلِّهم إمام أهل السنة والصِّدِّيقُ الثاني: أبو عبدِ اللهِ أحمدُ بنُ حنبلَ رضي اللهُ عنه وأرضاه, فكان
له مواقفُ ومقاماتٌ عظيمةٌ في نصرةِ مذهبِ السلف, ومن أشهرِها
صدعُه بالحقّ لمّا ظهرَتْ فتنةُ القولِ بخلقِ القرآن ونفي صفاتِ
اللهِ جلَّ وعلا, وصبرَ على الأذى في سبيلِ نشرِ السنةِ والتوحيد,
حتى أظهرَه الله على خصومِه.


ثمَّ
أقامَ اللهُ العالِمَ الربَّانيَّ بحرَ العلومِ شيخَ الإسلام:
أحمدَ بنَ تيمية, الذي جددَ اللهُ به الدين بعد دروسِه, وأخزى به
المرتدعين, فنشرَ مذهبَ السلفَ وألَّف في ذلك, وردَّ على أهلِ
البدعِ وكشفَ عوارهم, وقامَ من بعده بهذا الأمرِ تلامذتُه المحققون,
وأتباعُه ممن لا يُحصَون, كالعلامةِ ابنِ القيمِ وابنِ رجبٍ
والذهبيِّ وابنِ كثيرٍ وابنِ عبدِ الهادي وغيرهم ممن سارَ على نهجِ
السلفِ الصالح, علماً وعملاً ودعوةً وجهاداً.


(أولاً/ الحالة الدينية والمخالفات العقدية في نجدٍ في فترة الإمام محمد بن عبد الوهاب)
وبعدهم
انتقضتْ عُرى الإسلام, وعُبِدَتْ النجومُ والكواكب, وعُظِّمَتْ
القبورُ وبُنِيَتْ عليها المساجد, وعُبِدَتْ تلكَ الأضرحةُ
والمشاهد, واعْتُمِدَ عليها عند المصائبِ دون الصمدِ الواحد, ونأتي
بحديثِ أنَّ اللهَ جلَّ وعلا يبعثُ لهذه الأمةِ على رأسِ كلِّ قرنٍ
من يجددُ لها أمرَ الدين, فبعثَ في القرنِ الثاني عشر شيخَ الإسلامِ
الإمامَ المجددَ لِمَا اندرسَ من معالمِ الدين: محمدَ بنَ عبدِ
الوهابِ رحمَهُ اللهُ وغفرَ له, فشمَّرَ عن ساعدِ الجِدِّ
والاجتهاد, وأعلنَ بالنصح للهِ ولكتابِه ولرسولِه ولسائرِ العباد,
ودعا إلى ما دعتْ إليه الرسلُ من توحيدِ اللهِ وعبادَتِه, ونهى عن
الشركِ ووسائلِه وذرائعِه.


* من أبرز المخالفات العقدية المنتشرة في ذلك الوقت:

وكان
أهلِ عصرِه ومِصرِه في تلك الأزمان قد اشتدَّتْ غربةُ الإسلامِ
بينهم, وعفَتْ آثارُ الدينِ لديهم, وانهدمَتْ قواعدُ الملةِ
الحنيفية, وغلبَ على الأكثرين ما كانَ عليه أهلُ الجاهلية, وغلبَ
الجهلُ والتقليدُ والإعراضُ عن السنةِ والقرآن, وجَدُّوا واجتهدوا
في الاستغاثةِ والتعلقِ بغيرِ اللهِ من الأولياءِ والصالحين,
والآثارِ والقبورِ والشياطين, وعلماؤهم ورؤساؤهم على ذلك مقبلون وبه
راضون, فكانوا يُعَظِّمون قبرَ زيدِ بنِ الخطاب ويدعونه رغباً
ورهباً, ويزعمون أنه يقضي لهم الحوائج.

وكذلك كان عندهم
فُحَّالٌ ينتابُه النساءُ والرجال, ويفعلون عنده أقبحَ الفِعال,
والمرأةُ إذا تأخرَ عنها الزواجُ تذهبُ إليه وتضُمُه بيديها وتدعوه
برجاءٍ واجتهادٍ وتقول: "يا فحلَ الفحولِ أريدُ زوجاً قبلَ الحول",
وشجرةٌ عندهم تُسمى "الطُريفية" أغراهم الشيطانُ بها, فكانوا
يُعلقون عليها الخِرَقَ لعلَّ الولدَ يسلمُ من السوء ويرجون
بركتَها.

ومثل هذا وأكثر يُفعَلُ بقبرِ أبي طالب وقبرِ
ميمونةَ وخديجةَ زوجتي رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم, وكذا
يلجئون عند الملماتِ والشدائدِ لقبرِ ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما,
وقبرِ الحسينِ وعبدِ القادر الجيلاني والعيدروس والبدوي وغيرهم,
فعدلوا عن عبادةِ الرحمنِ إلى عبادةِ القبورِ والشيطان, وعَظُمَ
الكهَّانُ والسحرةُ والمشعوذون, عَظُمَ أمرُهم, وصارَ كثيرٌ من
الناس لا يعرفُ من الدينِ إلا الدروشةَ والترانيم, وأما صفاتُ اللهِ
فأكثرُهم لا يُقِرُّ بها تقريباً للفلاسفةِ والملحدين, فما تفاقمَ
هذا الخَطْبُ وعَظُم, وتلاطم موجُ الكفرِ والشركِ وجَشُم,
وطُمِسَتْ الآثارُ السلفية, وظهرَتْ البدعُ والأمورُ الشركية.


(ثانياً/ دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب إلى التوحيد ونبذ الشرك)

عند
ذلك تجردَ الإمامُ المجددُ رحمه اللهُ للدعوة إلى توحيدِ ربِّ
العالمين, وردِّ الناسِ إلى ما كانَ عليه سلفُهم الصالح, في بابِ
العلمِ والتوحيدِ والإيمان, وبابِ العملِ الصالحِ والإحسان, وحذَّرَ
من التعلقِ والتوكلِ على غيرِ اللهِ من الأنبياءِ والصالحين,
والاعتقادِ في الأحجارِ والأشجارِ والعيونِ والآبار, ورغَّبَهم في
متابعةِ رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم في الأقوالِ
والأفعال, وهَجْرِ والبدعِ والمحدثات, وأنكرَ على الخارجين عمَّا
جاءَتْ به الرسل, وصنَّفَ في الردِّ على من عاندَ وجادل, حتى أظهرَ
اللهُ التوحيدَ في الأرض, وعَلَتْ كلمةُ الله, وذَلَّ أهل الشركِ
والفساد, وعُبِدَ اللهُ وحدَه دون ما سواه, واجتمعَتْ الكلمةُ على
التوحيدِ والسنة, فالحمدُ للهِ أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً.


(ثالثاً/ سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله يبيِّن أثر دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب المباركة)
معاشرَ المؤمنين:
لقد بيَّن العلامةُ الشيخُ عبدُ العزيزُ بنُ بازٍ رحمَه اللهُ على
أثرِ دعوةِ الإمامِ المجدد, فقال ما مختصرُه: "من أبرزِ الدعاةِ
المصلحين الإمامُ الشيخُ محمدُ بنُ عبدِ الوهابِ مجددُ القرنِ
الثاني عشرَ الهجري, الذي وفقَه اللهُ للقيامِ بدعوةٍ إصلاحيةٍ
عظيمة, أعادَتْ للإسلامِ في الجزيرةِ العربية قوتَه وصفاءَه
ونفوذَه, وطهَّرَ اللهُ به الجزيرةَ من الشركِ والبدع, وهداهم به
إلى صراطٍ مستقيم, وامتدَّتْ آثارُ هذه الدعوةِ المباركةِ إلى
أجزاءٍ كثيرةٍ من العالمِ الإسلامي, وتأثرَ بها عددٌ من العلماءِ
والمصلحين, وكان من أقوى أسبابِ نجاح هذه الدعوة أنْ هيأَ اللهُ لها
حكاماً آمنوا بها ونصرُوها, وآزروا دعاتَها".

وقال:
"إنَّ دعوةَ الإمامِ الشيخِ محمدِ بنِ عبدِ الوهابِ رحمه الله هي
الدعوةُ الإسلامية التي دعا إليها رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم,
وصحابتُه الكرامُ, وسلفُ هذهِ الأمةِ الصالح, ولهذا نجحَتْ وحققَتْ
آثاراً عظيمة رغمَ كثرةِ أعدائها ومعارضيها أثناءِ قيامِها, وذلك
مصداقاً لقولِ رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: [لا تَزَالُ
طَائفَةٌ مِنْ أُمَتِي عَلَى الحَقِّ ظَاهِرِينَ لا يَضُرُّهُمْ
مَنْ خَذَلَهُمْ وَلا مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ
اللهِ].

ثم قالَ سماحتُه رحمَه الله: "وهذه الدعوةُ مرتبطةٌ
بمذهبِ السلفِ الصالحِ ولم تخرجْ عنه, وأثمرَتْ ثمراتٍ عظيمة لم
تحصلْ على يدِ مصلحٍ قبلَه بعدَ القرونِ المفضلة, وذلك لما
ترتبَ عليها من قيامِ مجتمعٍ يحكمُه الإسلام, ووجودِ دولةٍ تؤمنُ
بهذه الدعوةِ وتطبقُ أحكامَها تطبيقاً صافياً نقياً في جميعِ أحوالِ
الناس, في العقائدِ والأحكامِ والعاداتِ والحدودِ والاقتصادِ وغيرِ
ذلك, ممّا جعلَ بعضَ المؤرخين لهذه الدعوةِ يقول:


[إنَّ التاريخَ الإسلامي بعدَ عهدِ الرسالةِ والراشدين لم يشهدْ
التزاماً تاماً بأحكامِ الإسلام, كما شهدَتْه الجزيرةُ العربيةُ في
ظلِّ الدولةِ التي أيّدَتْ هذه الدعوةَ ودافعَتْ عنها].


قال: ولا تزالُ هذه البلادُ والحمدُ لله تنعمُ بثمراتِ هذه
الدعوة, أمناً واستقراراً ورغداً في العيش, وبُعداً عن البدعِ
والخرافاتِ التي أضرَتْ بكثيرٍ من البلاد الإسلامية, حيث انتشرَتْ
فيها".

انتهى كلامُ سماحةِ الشيخِ عبدِ العزيزِ بن بازٍ رحمَه اللهُ وأسكنَه فسيحَ جناتِه.


(رابعاً/ دعوةُ الإمام محمد بن عبد الوهاب هي دعوةُ الرسل والأنبياء والصحابة والأئمة المصلحين)
معاشرَ المؤمنين: يقولُ
اللهُ جلَّ وعلا: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً
أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) (النحل: من
الآية36). هذه دعوةُ الرسلِ والأنبياءِ ومن سلكَ سبيلهم, إنها دعوةٌ
واضحةٌ لا غموضَ فيها ولا لَبْس, دعوةٌ لإصلاحِ الخلقِ
وتعظيمِ الخالقِ جلَّ وعلا, ولذا كان أولُها وآخرُها وأساسها:
الدعوةُ إلى أعظمِ الواجباتِ وهو التوحيد, والتحذيرُ من أعظمِ
الذنوبِ وهو الشركُ باللهِ جلَّ وعلا: (أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ
وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) (النحل: من الآية36). وقد امتثلَ الرسلُ
والأنبياءَ أمرَ ربِّهم, فدَعَوا أقوامَهم إلى التوحيدِ قبلَ كلِ
شيء, بلا جُرِّدَتْ السيوف, وأُزْهِقَتْ الأرواح, وقامَ سوقُ الجنةِ
والنارِ من أجلِ التوحيدِ ودحرِ الشركِ وأهلِه, قالَ رسولُ
اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: [أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ
حَتَّى يَشْهَدُوا أنْ لا إِلَهَ إلَّا اللهُ].

وها
هو نبيُّ اللهِ نوحٌ عليهِ السلام يدعو قومَه إلى التوحيدِ ألفَ
سنةٍ إلا خمسينَ عاماً, قال لهم: (قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ
نَذِيرٌ مُبِينٌ * أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ
وَأَطِيعُونِ) (نوح:3,2), فأبى ذلك عُبَّادُ الأصنامِ والأوثانِ
والقبور, وسَعَوا في صدِّ الخلقِ عن توحيدِ ربِّ العالمين, حتى
اشتكى منهم نبيُّ اللهِ نوحٌ قائلاً: (قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ
عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ
وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَاراً * وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً *
وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا
سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً) (نوح:23,22,21), فالذي
بين نوحٍ وقومِه أعظمُ من أن يكونَ نزاعاً حولَ مواقفَ سياسيةٍ أو
اقتصادية, إنَّه الصراعُ بين التوحيدِ والشرك, بين الحقِّ والباطل.

ثمَّ سار الرسلُ والأنبياءُ من بعدِ نوحٍ على هذا الطريق,
دعوةٌ إلى التوحيدِ وتعظيمِ ربِّ العالمين, وتحذيرٌ من الشركياتِ
بأنواعها.

وآخرُهم النبيُّ المصطفى والرسولُ المجتبى الخليلُ
محمدٌ صلى اللهُ عليه وسلم, لقد دعا إلى اللهِ جلَّ وعلا, وكان
مبدأُ دعوتهِ ومنتهاها, ومجراها ومرساها, أنْ تكونَ العبادةُ
خالصةً للهِ جلَّ وعلا, وأنْ لا يكونُ له نِدٌّ يُدعى أو يُرجى أو
يُستغاثُ به, فها هو صلى الله عليه وسلَّم يُلقى القرآن من لدنْ
حكيمٍعليم, وفيه الآياتُ الآمرةُ بالإنذارِ والدعوةِ إلى التوحيد:
(يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ * وَرَبَّكَ
فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ)
(المدثر:5,4,3,2,1).

لمَّا حضرَه الموتُ كان يُوصي أمتَه
ويُحذرُها من وسائلِ الشرك, فكان صلى اللهً عليه وسلم يقول:
[لَعْنَةُ اللهِ عَلَى اليَهُودِ وَالنَّصَارَى اتَخَذُوا قُبَورَ
أَنْبِيَائهِمْ مَسَاجِدَ, يُحَذِّرُ مَا صَنَعُوا].


ولمَّا قال له رجلٌ: [ما شاءَ اللهُ وشئت], غضبَ الحبيبُ المصطفى
صلى اللهُ عليه وسلم وقال: [أَجَعَلْتَنِي للهِ نِدَّاً, بَلْ مَا
شَاءَ اللهُ وَحْدَهُ].

ولمَّا طلب منه بعضُ الناسِ أن يجعلَ
لهم ذاتَ أنواطٍ ـ شجرةً يتبركون بها ـ أنكرَ ذلك وقال: [اللهُ
أَكْبَرُ! إِنَّهَا السُّنَنُ, قُلْتُمْ وَالذِي نَفْسِي بِيَدِهِ
كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائيلَ لِمُوسَى: اجْعَلْ لَنَا
إِلَهاَ كَمَا لَهُمْ آلِهَة].

وكان صلى اللهُ عليه وسلم
يُحَذِّرُ من الشركِ في القولِ والعمل, ومن ذلك قولُه صلى اللهُ
عليه وسلم: [مَنْ حَلَفَ بِغَيرِ اللهِ فَقَدْ كَفَرَ أَوْ
أَشْرَكَ], وقوله صلى اللهُ عليه وسلم: [مَنْ حَلَفَ بِالأَمَانَةِ
فَلَيْسَ مِنَّا], بل أمرَه ربُّه جلَّ وعلا أنْ يُعلنَ للناسِ أنَّ
الأمرَ للهِ من قبلُ ومن بعدُ, وأنَّ تدبيرَ هذا الكون من
خصائصِه جلَّ وعلا, قال اللهُ سبحانه وتعالى مخاطباً (*) نبيَّه
محمداً صلى اللهُ عليه وسلم: (قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً
وَلا ضَرّاً إِلَّا مَا شَاءَ اللَّه) (الأعراف: من الآية188),
وأوحى إليه ربُّه جلَّ وعلا قولَه: (قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ
ضَرّاً وَلا رَشَداً * قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ
أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً)
(الجـن:22,21), فالأمرُ للهِ من قبلُ ومن بعدُ.

ثم سارَ
الخلفاءُ الراشدون والعلماءُ المصلحون والأئمةُ المهديون على ذلك
فكانت العقيدة عندهم أهمَّ المهمات, ومواقفُهم في نصرةِ مذهبِ
السلفِ والتحذيرِ من البدعِ وأهلها كثيرة, فهذا يدلُ على عظيمِ
فهمِهم لدعوةِ رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم, إنها الدعوةُ إلى
توحيدِ ربِّ العالمين.

فاللهم اسلكْ بنا سبيلَ
نبيِّك محمدٍ صلى الله عليه وسلم, يا أكرمَ الأكرمين, ويا أرحمَ
الراحمين, أقولُ هذا وأستغفرُ اللهَ لي ولكم لسائرِ المؤمنين من
كلِّ ذنبٍ فاستغفرُوه إنَّه هو الغفورُ الرحيم.


(خامساً/ مميزات دعوة الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله



الحمدُ
للهِ ربِّ العالمين, ولا عدوانَ إلا على الظالمين, وأشهدُ أنْ لا
إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له, وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُه
ورسولُه صلى اللهُ عليه وعلى آلهِ وصحبِه ومن اقتفى أثرَه واستنَ
بسنتِه إلى يومِ الدينِ, أما بعد:

ومن الدعواتِ السنيةِ السلفيةِ الإصلاحيةِ دعوةُ الإمامِ
المجددِ محمدِ بنِ عبدِ الوهابِ ومن معه من العلماء والأمراءِ
والمصلحين, فقد نفعَ اللهُ الخلقَ بهذه الدعوة, لأنها بُنِيَتْ
وسارَتْ على طريقِ الأنبياء, دعوةٌ إلى توحيدِ اللهِ وتوقيرِه
وتعظيمِه وعبادتِه, وتحذيرٌ من الشركِ والبدعةِ وأهلِهما, فآتَتْ
هذه الدعوةُ أُكُلَها, وحفظَها اللهُ ورعاها, لأنها إنما قامَتْ
لبيانِ مذهبِ السلف, وتصفيةِ الإسلامِ مما عَلِقَ به من البدعِ
والخرافاتِ والشركيات.


وقد تميزَتْ هذه الدعوةُ عن غيرِها من الدعواتِ بمزايا منها:

• أولاً/ تعظيمُ أمرِ التوحيدِ في نفوسِ العامة.
لأنَّ
الشركَ أعظمُ الذنوب, قالَ اللهُ جلَّ وعلا: (إِنَّ الشِّرْكَ
لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) (لقمان: من الآية13), وهذا خلافاً لما عليه بعض
الناس, فتراهم يُهَوِّنوا من أمرِ الدعوة إلى التوحيد, ويُشغلوا
العامةَ والبسطاءَ بقضايا سياسيةٍ واقتصاديةٍِ لا ناقةَ لهم فيها
ولا جمل, إنما هي من شئونِ أهلِ الحَلِّ والعقدِ, فيا سبحانَ الله!
يفعلُ هذا وهو يرى هؤلاءِ البسطاء يتبركون بالقبورِ ويتمسحون بها,
ويطلبون المددَ والغوثَ من غيرِ الله, وينذرون ويحلفون بغيره,
ويوالون أعداءَه, وعندهم من البدعِ والمحدثاتِ الشيءُ الكثير, ثمَّ
لا يُحركُ ساكناً, ولا يجهرُ بالحقِّ والتوحيدِ, ولا ينصحُ للخلق,
فأيُّ دعوةٍ هذه؟؟ وأيُّ إصلاحٍ ستجنيه الأمةُ من قومٍ لا يوقرون
أمرَ التوحيد, ولا يجعلونه أساسّ دعوتِهم, كما كان رسولُ اللهِ صلى
اللهُ عليه وسلم يفعل, وبعضهم يعتني بترقيقِ القلوبِ والزهديات,
ولكنه يتحاشى الكلامَ في التوحيدِ والتحذيرَ من الشركِ لئلا
يُفرقَ الصفَ بزعمِه, قالَ الإمامُ المجددُ رحمه اللهُ في أهلِ
الضلالِ وصدِّهم عن تعلمِ التوحيد, قال: "إذا رَأَوا من يُعلمُ
الشيوخَ وصبيانَهم أو البدوَ شهادةَ أنْ لا إلهَ إلا الله, قالوا:
{لو قالوا لهم يتركون الحرام, يجعلون الحرامَ دونَ الشرك كغصبِ
الأموال}, قال الشيخ: وهذا من أعظمِ جهلِهم فإنهم لا يعرفون إلا
ظلمَ الأموال, وأما ظلمُ الشركِ فلا يعرفونه, قال الله جلَّ
وعلا: (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) (لقمان: من الآية13), أين
الظلمُ الذي إذا تكلمَ الإنسانُ بكلمةٍ منه أو مدحَ الطواغيتَ أو
جادلَ عنهم خرجَ عن الإسلام, ولو كانَ صائماً قائماً من الظلمِ الذي
لا يُخرجُ من الإسلام, بل إما أنْ يُؤديَ بصاحبِه إلى القصاص, وإما
أنْ يغفرَه اللهُ له, فبين الموضعين فرقٌ عظيم". انتهى كلامُه
رحمَه اللهُ وغفرَ له. وهذا من فقهِه فإنَّ تلك المنكرات من أهمِ
أسبابِها ضعفُ الإيمانِ والجهلُ بالتوحيدِ الذي هو أصلُ
الأصول, ولهذا إذا فَسدَتْ العقيدةُ أُوجِدَتْ المنكرات, فالحروريةُ
لفسادِ عقيدتِهم استباحوا قتلَ النفسَ التي حرَّمَ اللهُ جلَّ
وعلا, بل قتلوا خيارَ الصحابةِ كعليٍّ أميرِ المؤمنين رضي اللهُ
عنه, فزوالُ تلك المنكرات لا بدَّ أنْ يسبقَه تصحيحُ العقيدة.


• ثانياً/ مما تميزَتْ به تلك الدعوةُ المباركة: التحذيرُ من البدع.
لأنَّ
هذا الدينُ مبنيٌ على الاتباع, والرسولُ صلى اللهُ عليه وسلم
أُتِيَ جوامعَ الكَلِم, وهو الذي قال: [مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ
عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدّ], فالخيرُ كلُّه في التمسكِ بما
كانَ عليه رسولُ اللهِ صلى اللهُ عيه وسلم وصحابتُه الأبرار, ووالله
إنه لا يُفرقُ بين البدعةِ والسنة إلا من فَقِهَ مذهبَ السلفِ
وتمسكَ به, لأنهم يوقنون أنَّ الدينَ الذي جاءَ به النبيُّ محمدٍ
صلى اللهُ عليه وسلم كاملٌ تامٌّ لا نقصَ فيه بوجهٍ من الوجوه,
ومنه يُعْلَم أنَّ الإسلامَ ليس فيه بدعةٌ حسنةٌ وسيئةٌ, فكلُّ
البدعِ قبيحةٌ مردودة, قال اللهُ جلَّ وعلا: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ
لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ
لَكُمُ الْإسْلامَ دِيناً ) (المائدة: من الآية3)


• ثالثاً/ ممّا تميزَتْ به هذه الدعوةُ: تحذيرُ الناسِ من المبتدعة.
فقد
كان السلفُ ينهَون العامةَ عن الجلوسِ أو الإصغاءِ إلى المبتدعة,
لئلا يعلقَ كلامُهم بالقلوبِ فيصعبَ التخلصُ منه, قالَ الإمامُ
أحمد: "ليسَتْ السنةُ عندنا أنْ تجادلَ أهلَ البدع, بل السنةُ ألا
تكلمَهم". وممّا لا يخفى أنَّ الاختلافَ والابتداعَ موجودٌ, نعم.
أخبرَ النبيُّ صلى اللهُ عليه وسلم أنَّ هذه الأمةُ ستفترقُ على
ثلاثٍ وسبعين فرقة, كلها في النارِ إلا واحدة, وهي الجماعةُ
المتمسكةُ كانَ عليه رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم وأصحابُه.

وكانَ خصومُ الإمامِ المجددِ يسعَون في إيقافِ الشيخِ عن
التحذيرِ من رءوسِ المبتدعة, ولم يكنْ يعبأُ بهم, قال رحمه الله:
"قاموا يجادلون ويُلبِّسون على الناسِ ويقولون تُكَفِّرون المسلمين,
كيف تسبّون الأموات؟؟ أهلُ فلانٍ أهلُ ضيف, أهلُ فلانٍ كذا وكذا,
قالَ الإمامُ: ومرادُهم بذلك بألا يتبيّن معنى لا إلهَ إلا الله".
انتهى كلامُهم رحمَه اللهُ.

ألا فليأخذَ أهلُ السنةِ حِذرَهم لأنَّ بعضَ ما يَفِدُ إلينا
من برامجَ قنواتية وكتاباتٍ فكريةٍ ودعويةٍ وثقافيةٍ ومنهجيةٍ
تتأثرُ ولا شك بما عليه أصحابُها من مذاهبَ عقديةٍ رديئة, فاحذروا
عبادَ الله, فاحذروا من الكتبِ والأفكارِ الوافدة, واعلموا أنَّ هذا
الأمرَ دين فانظروا عمَّن تأخذون دينكم.

وأما إفسادُ الإنترنتِ للعقيدةِ فممّا لا يخفى, وإنْ أردْت
برهاناً على ذلك, فتأمّلْ حالَ المفتونين به, فإنَّك سترى عجباً,
لقد صارَتْ أخبارُ وآراءُ المجهولين والمشبوهين عندهم مصدراً من
مصادرِ تلقي العقيدة, لا لشيءٍ إلا لأنها عُرِضَتْ في شبكةِ
الإنترنت, بِغَضِّ النظرِ عن كاتِبها وعقيدَتِه, ولهذا تسلطَ عليهم
أهلُ النفاقِ والبدع, ولبَّسوا عليهم دينَهم.

فيا معاشرَ المفتونين بالإنترنت: إنَّ هذا العلمَ دينٌ
فانظروا عمّن تأخذون دينَكم, وأمّا أثرُ هذه الشبكةِ العنكبوتيةِ في
التفريقِ بين أهلِ التوحيد والطعنِ في أئمةِ أهل السنةِ في زمانِنا
فهو ممّا يندى له الجبين, قالَ اللهُ جلَّ وعلا: (إِنَّ السَّمْعَ
وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً)
(الإسراء:من الآية36).


• رابعاً/ وممّا تميزَتْ به هذه الدعوةُ المباركة:
الحرصُ على جمعِ الكلمة, والتحذيرُ من التفرقِ والاختلافاتِ والفتن.
فيرَون وجوبَ إنكارِ المنكرِ بالحسنى, ويرَون أيضاً وجوبَ طاعةِ وليِّ الأمرِ في غيرِ معصيةِ اللهِ سبحانه وتعالى.

• خامسا/ وممّا تميزَتْ به على غيرِها:
أنَّها تُربي الناسَ على مسائلِ التوحيدِ مسألةً مسألة, وتحذِّرُهم من الشركياتِ بأفرادِها.

وفيها النصُّ على مسائلِ التوحيدِ بأنواعِها, كالخوفِ
والرجاءِ, والتوكلِ والاستعانةِ, والذبحِ والنذرِ لله جلَّ وعلا.

وفيها النصُّ على أنواعِ الشركياتِ والبدع, كالذبحِ لغيرِ
اللهِ والنذرِ لغيرِه, ودعاءِ الصالحين وطلبِ المددِ منهم, وموالاةِ
الكفار, والتوكلِ على غيرِ اللهِ جلَّ وعلا, والحلفِ بالمخلوقين,
وتعليقِ التمائمِ والحروز.
وفيها التحذيرُ من السحرةِ والمشعوذين والكُهَّانِ والمنَجمين, وقارئ الكفِّ والفنجان. وبهذه الدعوة إنكارٌ للمنكرات, فلا يجوزُ إبقاءُ الأشجارِ التي يُتبركُ بها, ولا قِبابُ قبورِ الأولياء. ويرَون أنَّ على وليِّ الأمر منعَ المخربين والمشعوذين من إفسادِ عقائدِ المسلمين.
فهذا هو طريقُ السلفِ في تربيةِ الناسِ على التوحيد, خلافاً
لِمَا يسلُكُه بعضهم, فتراه يتكلمُ عن التوحيد بعمومياتٍ لا تحصلُ
منها الفائدة, ويتقصدون الإجمالَ دونَ التفصيل, فيأمرون بالتوحيدِ
لكنهم لا يُبَيِّنون أنواعَه, ويُحذِّرون من الشركِ لكنهم لا ينصّون
على أفرادِه, ولهذا تنتشر البدعُ والشركياتُ في أتباعِهم, وتراهم
لا يُفرقون بين أهلِ السنةِ وأهلِ البدعة, فيقتدون بهؤلاءِ تارةً
وبأولئك تارةً أخرى, فلا تمييزَ عندهم بين دعاةِ السنةِ ودعاةِ
البدعة.


• سادساً/ ومما تميزَتْ به هذه الدعوة:
توقيرُ السلفِ والعلماءِ ومحبتُهم.


• سابعاً/ ومما تميزَتْ به:
الترغيبُ في تعلمِ الكتابِ والسنةِ بفهمِ السلفِ الصالح.

ونشَّئوا الشبابَ والعامةَ على هذا, لأنَّ العزَّ والنصرَ
والسيادةَ وسلامةَ الدعوةِ لا تكونُ إلا بالفقهِ في كتابِ اللهِ
وسنةِ رسولِه محمدٍ صلى اللهُ عليه وسلم, ولهذا قالَ رسولُ اللهِ
صلى اللهُ عليه وسلم: [تَرَكْتُ فِيْكُمْ مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ
بِهِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدِي أَبَدَاً كِتَابَ اللهِ وسُنَّتِي]
رواه الإمامُ مالك والحاكم وحسَّنه العلامةُ الألبانيُ غفرَ اللهُ
للجميعِ وأسكنَهم فسيحَ جناتِه.

اللهم يا حيُّ يا قيومُ يا ذا الجلالِ والإكرامِ, اللهم
إنَّا نسألُك الهدى والتقى والعفافَ والغِنى, ربَّنا آتنا في الدنيا
حسنةً وفي الآخرةِ حسنةً وقِنَا عذابَ النار
.

سورجي بؤ هه مووان
سورجي بؤ هه مووان
سه رؤكى سايت
سه رؤكى سايت

عدد المساهمات/زماره ى به شداريه كان : 3288
تاريخ التسجيل : 11/03/2010

https://surchy.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اخبار رد: مزايا دعوة الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب (رحمه الله تعالى)

مُساهمة من طرف سورجي بؤ هه مووان الأربعاء أبريل 20, 2011 11:08 pm

مزايا دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله
الشيخ صالح بن محمد بن حسن الأسمري



الحمد
لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن
سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضلّ له ، ومن يضلل فلا هادي له ،
وأشهد ألا إلا إله الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده
ورسوله صلى الله وسلم عليه تسليماً كثيراً إلى يوم الدين .. أما بعد
:
فنلتقي وإياكم أيها الأحبة الأكارم في مستهل الشهر الخامس
من سنة أربعة وعشرين بعد المائة الرابعة والألف من هجرة النبي
صلى الله عليه وسلم ؛ لنتدارس معاً موضوعاً يتعلق
بمزايا دعوة الإمام المجدد داعية التوحيد محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله وغفر له
ـ ذلك أن كثيرين من الناس يتخبّطون في معرفتها ، ولا يدرون
حقيقة كثيرٍ من مسائلها ، خصوصاً في زمنٍ هُجِم فيه على الدين،
وغُيِّرت فيه كثيرٌ من معالمه، وأصبح المعروف منكراً ، والمنكر
معروفاً، إلا في أماكن وبلدان .



مع
أن الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله قد بيّن معتقَده
واضحاً جلياً في بعض تصانيفه ، ومن أوضح ذلك : ما جاء في ((مجموع
مؤلفاته)) في الرسائل الشخصية في مجلدها الخامس وصفحتها الثامنة فما
بعد ، حيث قال في بداية سَرْدِه لمعتقده:
((أشْهِدُ الله ، ومن حضرني من الملائكة ، وأشهدكم أني أعتقد ما اعتقدته الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة … )) ثم
أخذ رحمه الله في بيان مفردات المعتقد المعروف ، وقد أخذ جملةً
كثيرة من مفردات كلمه من العقيدة المشهورة (العقيدة الواسطية) لشيخ
الإسلام ابن تيميَّة عليه رحمات الله المتتابعة .

أما
والأمر كذلك أيها الأحبة ، فإن هناك مزايا تُميِّز دعوة الإمام
المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ، أو بها عُرِفت هنا وهناك،
ومجموع ذلك اثنا عشر شيئاً يميّز هذه الدعوة على غيرها .



أما الشيء الأولى والمَيْزة الأولى : فهي
تقديم التوحيد والشهادتين على غيرها من مفردات الدين ومسائله ،
وجَعْل أول واجبٍ على الإنسان هو أن يشهد ألا إله إلا الله وأن
محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن يبدأ بالتوحيد .

قرر الإمام ذلك في رسائل ، ومن ذلك : ما جاء في ((مجموع
مؤلفاته)) في الرسائل الشخصية في الرسالة الثانية في صفحتها السادسة
عشرة ، وبنحوها في ((الدرر السنية)) في مجلدها الثامن وصفحتها
الخامسة والسبعين حيث قال في رسالةٍ له : (( قولك أول واجب على كل
ذكر وأنثى النظر في الوجود ثم معرفة العقيدة ثم علم التوحيد وهذا
خطأ ، وهو من علم الكلام الذي أجمع السلف على ذمه، وإنما الذي أتت
به الرسل أول واجب هو التوحيد ليس النظر في الوجود ولا معرفة
العقيدة كما ذكرته أنت في الأوراق)) كذا قال ـ يرحمه الله ـ
مخاطباً بعضاً من الناس المبطلين .
وإنما كان ذلك كذلك أدلة
قامت على تقديم التوحيد على غيره وعلى تقديم الشهادة أو الشهادتين
على غيرها، والأدلة في ذلك كثيرة مستفيضة، ومن ذلك : قول النبي صلى
الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل لما أرسله إلى أهل اليمن قال له :
((إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه
شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم
)) والحديث مخرج في ((الصحيحين)) ، ويؤخذ منه : أن النبي صلى
الله عليه وسلم قدَّم التوحيد على غيره، وجعل الشهادتين مقدمتين
على غيرهما من مفردات الدين




يؤكد ذلك ابن أبي العز ـ رحمه الله ـ في شرحه على الطحاوية،
مقرراً إياه في صفحته الخامسة عشرة حيث قال : ((ولهذا كان الصحيح
أن أول واجب يجب على المكلف شهادة أن لا إله إلا الله لا النظر ولا
القصد إلى النظر ولا الشك كما هي أقوال أرباب الكلام المذموم، بل
أئمة السلف كلهم متفقون على أن أول ما يؤمر به العبد الشهادتان،
ومتفقون على أن من فعل ذلك قبل البلوغ لم يُؤمر بتجديد ذلك عقيب
بلوغه)) كذا قال ـ يرحمه الله ـ وتقريره لذلك واضح ظاهر، ومن ثم
يُعرف ما عليه كثير من المبطلين من الأشاعرة والماتريدية والمعتزلة
وغيرهم في هذه المسألة حيث قدَّموا النظر على غيره أو قدَّموا الشك
على غيره، والمقدَّم شرعاً والمأمور به حقاً هو أن تُقَدَّم
الشهادتان على غيرهما والتوحيد الحق على ما سواه ، هذا من حيث الأصل
الشرعي وهو المراد .

وأما ثاني المميزات فهو
تقسيم التوحيد إلى ثلاثة أقسام، وهذا مشهور معلوم عن الإمام المجدد
محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ ، وقد قُرِّر ذلك في مواضع من
رسائله، ومنها: ما ذكره كما في ((مجموع مؤلفاته)) في مجلدها الأول
وصفحتها السادسة والخمسين بعد المائة ، وكذا في الصفحة المائتين
وفيه في الصفحة الثالثة والستين بعد المائة الثالثة ، وكذا في
المجلد الخامس في صفحته الرابعة والعشرين بعد المائة الأولى، وفيه
في الصفحة الرابعة والأربعين بعد المائة الأولى، وفيه في الصفحة
الثانية والثمانين بعد المائة الأولى أيضاً، ومن ذلك: قوله رحمه
الله كما في : ((مجموع كتبه ومؤلفاته)) في مجلدها الأول وصفحتها
الواحدة والسبعين بعد المائة الثالثة حيث قال : ((فإذا قيل لك : ما
الفرق بين توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية ؟ فقل : توحيد
الربوبية : فعل الرب مثل الخلق والرَّزْق والإحياء والأماتة وإنزال
المطر وإنبات النبات وتدبير الأمور ، وتوحيد الإلهية : فعلك أيها
العبد مثل الدعاء والرجاء والخوف والتوكل والإنابة والرغبة والرهبة
والنذر والاستغاثة وغير ذلك من أنواع العبادة))، كذا قال .

والمراد أنه مشهور مستفيضٌ عن الإمام قسمة التوحيد إلى ثلاثة
أقسام، وهو في ذلك متبعٌ لجمعٍ من الأئمة وليس مبتدعاً ، إذ
التوحيدُ ثلاثة أقسام أشار إلى ذلك ابن جرير الطبري ـ يرحمه الله ـ
في ((تفسيره)) وابن منده، وقرره شيخ الإسلام ابن تيمية ـ يرحمه الله
ـ وابن قيم الجوزية في آخرين .
أما
القسم الأول فيسمى بتوحيد الإلهية، وضابطه هو: إفراد الله
بالعبادات التي يفعلها العبد فلا يجعل لله شريكاً فيها .
وأما الثاني : فتوحيد الربوبية، وضابطه : إفراد الله تعالى بأفعاله وخصائصه كالإحياء والرَّزْق ، ونحوها .

وأما
الثالث : فتوحيد الأسماء والصفات : أي جَعْل الأسماء والصفات
الأكملية لله سبحانه خالق البرية، تلك هي القسمة الثلاثية للتوحيد،
ودليلها في ذلك هو الاستقراء كما أن أئمة العربية استقرؤوا
كلمات العرب ، فوجدوها لا تخرج عن ثلاثة أقسام : اسمٍ وفعلٍ وحرف ،
فكذلك الأئمة هنا رأوا أن الآيات والأحاديث في تقرير التوحيد دلت
على تلك القسمة، وقد قرر ذلك جماعات، ومن أولئك : ابن قيم الجوزية ـ
يرحمه الله ـ في كتابه : ((مدارج السالكين)) في مجلده الثالث
وصفحته التاسعة والأربعين بعد المائة الرابعة، ومن أدلة توحيد
الربوبية: قوله سبحانه :
{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} ، ومن أدلة توحيد العبادة والإلهية: قوله سبحانه : {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ}، وكذا قوله سبحانه : { ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت " ومن أدلة توحيد الأسماء والصفات قوله سبحانه : {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} ، تلك قسمة اصطلاحية مشهورة عند الأئمة إلا أنَّ لها أحكاماً رُتبِّت عليها وأشياء كانت تبعاً لها .

ثالث المزايا : أن
النبي صلى الله عليه وسلم بل جميع الأنبياء والمرسلين لم
يبعثوا التقرير توحيد الربوبية أو الأسماء والصفات أصالةً، وإنما
بُعثوا أصالة لتقرير توحيد الإلهية، وغيرُ توحيد الإلهية تبعٌ له أو
مضمنٌ إياه ، مع أن الأصل توحيد الإلهية والعبادة .
وهذا
قرره الإمام محمد ـ رحمه الله ـ في رسائل وكتب ، وهو معلوم مستفيض
عنه، ومن ذلك: ما جاء في ((مجموع مؤلفاته)) في الرسائل الشخصية في
الرسالة الرابعة والعشرين في صفحتها السادسة والستين بعد المائة
الأولى ، وكذا بنحوها في ((الدرر السنية)) في مجلدها الثامن وصفحتها
الخامسة والسبعين، وفيه يقول ـ يرحمه الله ـ : ((إن التوحيد الذي
دعت إليه الرسل من أولهم إلى آخرهم إفراد الله بالعبادة كلها
ليس فيها حق لملَكٍ مقرب ولا نبي مرسل فضلاً عن غيرهم))، كذا قال ـ
يرحمه الله ـ
ويدل على صحة ذلك أدلة كثيرة ومن ذلك أيها الخيرة قول الله سبحانه :
{وَمَا
أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ
حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ
دِينُ الْقَيِّمَةِ}
، وكذا عموم قول الله تعالى : {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}، حيث
إن هذه فيها دلالة واضحة على أن الله تعالى أمر بعبادته، وهو
المسمى بتوحيد العبادة المتعلق بإفراد الإنسان عباداته الله لا أن
يجعل له فيها شريكاً .


رابع المزايا : أن
المشركين زمن بعثة سيد المرسلين كان الخلل عندهم في توحيد
الإلهية ظاهراً ، خلافاً لتوحيد الربوبية فقد كانوا مقرين به ، قرر
ذلك الإمام محمد ـ يرحمه الله ـ في رسائل ومسائل، وهو معلوم مستفيضٌ
عنه ، ومن ذلك قوله كما في : ((مجموع مؤلفاته)) في مجلدها الأول
وصفحتها السادسة والخمسين بعد المائة الأولى .




قال
: ((فإذا تحققتَ أنهم مُقِرُّون بهذا ـ أي بأن الله هو الخالق
الرازق المحيي المميت إلى آخره مما يتعلق بتوحيد الربوبية ـ ولم
يدخلهم في التوحيد الذي دعاهم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
وعرفتَ أن التوحيد الذي جحده هو توحيد العبادة، وعرفت أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قاتلهم على هذا الشرك، ودعاهم إلى إخلاص
العبادة لله وحده ، كما قال تعالى :
{فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً} ،
فإقرارهم بتوحيد الربوبية ـ والكلام لا يزال للإمام – رحمه الله – ـ
لم يدخلهم في الإسلام وإن قَصْدَهُم الملائكة والأنبياء
والأولياء يُرِيدون شفاعتهم والتقرب إلى الله بذلك : هو الذي أحل
دمائهم وأموالهم)) ثم قال بعدُ ـ يرحمه الله ـ : ((وهذا التوحيد هو
معنى قولك : لا إلا الله)) ، كذا قال ـ يرحمه الله ـ ويدل على صحة
ذلك في الجملة: أدلة كثيرة ، ومن ذلك قوله سبحانه :
{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ} ، وكذا قوله عز من قائل : {قُلْ
مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ
يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ
الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ
الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ}
، وهاتان
الآيتان فيهما دلالة على أن الكفار زمن بعثة النبي المختار أفضل
صلاة وأتم تسليم كانوا مقرين بتلك الحقيقة مذعنين لها إلا أنهم
كانوا يصرفون العبادة لغير الله سبحانه وهذا لا يمنع ـ أعني تقرير
ذلك ـ أن يكون هناك من يجحد كل أنواع التوحيد فلا يأتي بتوحيد
الربوبية ولا غيره إلا أن الأصل العام هو ما سبق .


خامس المزايا : أن
الإنسان لا ينتفع بقوله : ((لا إله إلا الله)) إلا إن أتى
بشروطها ، أما إذا قال لفظة خاوية من معانيها الصحيحة غير عاملٍ
بمقتضاها ولا مؤدٍ لحقها الواجب، فإن ذلك لا ينتفع به صاحبه، وهذا
مشهور منشور عن الإمام محمد ـ يرحمه الله ـ قرر ذلك في كتبٍ له
ورسائل ، ومن ذلك قوله كما في ((مجموع مؤلفاته)) ، وفي ((الرسائل
الشخصية)) في الرسالة الثانية والعشرين في صفحتها الرابعة والخمسين
بعد المائة الأولى ، وكذا في ((الدرر السنية)) في مجلدها الأول
وصفحتها التاسعة والأربعين قال : ((المراد من هذه الكلمة ـ أي لا
إله إلا الله ـ معناها لا مجرد لفظها)) كذا قال، وأكّد ذلك ـ يرحمه
الله ـ مبيناً أيضاً في ((مجموع مؤلفاته)) في الرسائل
الشخصية في الرسالة العشرين ، في صفحتها السابعة والثلاثين بعد
المائة الأولى، وكذا في ((الدرر السنية)) في مجلدها الثاني وصفحته
الرابعة والعشرين حيث قال : ((إن النطق بها لا ينفع إلا بالعمل
بمقتضاها، وهو ترك الشرك، كذا قال ـ يرحمه الله ـ ، وهذا أمر معلوم
إذ إن الإنسان إذا قال كلمات لا يؤمن بها ولا يتيقن صحتها ولا
يقبلها وما إلى ذلك فإنها لا تنفعه عندالله سبحانه وتعالى ، ولا
تُنْجيه في الدار الآخرة قطعاً ، ويدل على ذلك أدلة ، وكذلك ما وقع
على ما اشتهر لمسيلمة الكذاب وحزبه الذين كانوا معه فإنهم
كانوا يصلون ويصومون ويذكرون الله كثيرا وكانوا يقولون : لا إله إلا
الله ، ولكنهم أتوا بما ينقضها وأتوا بما ينفي مقتضاها الحق ولذلك
كُفِّروا وكانت القتلة لهم في معركة مشهورة كتبها التاريخ ، وكذلك
قل يا رعاك الله في أهل الردة على المنشور المشهور عند الجمهور ،
فإنهم كذلك فإنه من لم يأتِ بالمقتضى الواجب الحق اللازم لقول
الإنسان لا إله إلا الله إيماناً وإذعاناً فإنه لا تنفعه تلك
الكلمات الجوفاء ، ولا الألفاظ التي يقولها دون إيمانٍ حقٍ واجبٍ .

ولذا تكلم الفقهاء يرحمهم الله وأئمة الإسلام عن أنواع الردة
وموجباتها وهذا مشهور مستفيض في كتب الفقه فقد بوّبوا باباً عن
الردة وذكروا ما يوجب رجعة الإنسان عن الإسلام وما يقوم عليه من
الأحكام، وأوّلُ ذلك إعلان ردته وما يأتي قبلها من استتابته
.

سادس المزايا : ما يتعلق بتوحيد الأسماء والصفات حيث إن الإمام محمد ـ يرحمه الله ـ قد قرر في ذلك ركنين :
أما
الركن الأول : فإثبات ما أثبته الله تعالى ورسوله محمد صلى الله
عليه وسلم لله من أسماء ووصفات واردة على المعنى الوارد عند العرب
في لغتهم على الوجه اللائق به سبحانه .
وأما
الركن الثاني : فنفي الباطل عن أسماء الله وصفاته من التحريف
والتعطيل والجهل بالكيفيات ، كل ذلك ساقان لما يقرره الإمام محمد في
رسائله ومسائله في كتبه ودواوينه ، ومن ذلك قوله ـ يرحمه الله ـ
كما في ((مجموع مؤلفاته)) في مجلده الخامس وصفحتها الثامنة ،
حيث قال : ((ومن الإيمان بالله الإيمان بما وصف به نفسه في كتابه
على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل ،
بل اعتقد أن الله سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ،
فلا أنفي عنه ما وصف به نفسه، ولا أحرِّف الكلم عن مواضعه، ولا
أُلحد في أسمائه و آياته، ولا أُكيف، ولا أمثل صفاته تعالى بصفات
خلقه ؛ لأنه تعالى لا سميَّ له ولا كفؤ له ولا ند له ولا يقاس بخلقه
فإنه سبحانه أعلم بنفسه وبغيره ، وأصدق قيلاً وأحسن حديثاً
فمُنَزَّهٌ سبحانه كما وصفه به المخالفون من أهل التكييف والتمثيل،
وكما نفاه عنه النافون من أهل التحريف والتعطيل)) كذا قال ـ يرحمه
الله ـ .
ولا ريب أن الإيمان بما جاء في كتاب الله وسنة النبي
صلى الله عليه وسلم من أسماء وصفات لله سبحانه وتعالى واجب،
وأما ما يتعلق بكيفياتها وكُنْهِهَا وصفاتها فإن لك لا ينظر إليه
وإنما يفوض إلى الله سبحانه وتعالى فالكيفيات كُنْهُ ذاته سبحانه
وصفاته التي هي مُغَيَّبةٌ عنّا كل ذلك لا يُدرى ، لكن نثبت ما
أثبته الله ورسوله على الوجه اللائق بالله سبحانه وتعالى ، ولا ريب
أن اللغة العربية واضحة عند أهلها بيّنةٌ لمن عرفها ، دون تحريف ولا
تعطيل ولا تمثيل ، فكل ذلك باطل ، وإنما كان ذلك للآية السابقة ،
وهي قوله : + ليس كمثله شيء وهو السميع البصير " ففيه نفي
المثلية عن الله سبحانه وتعالى ، وكذلك فيها إثبات السمع والبصر ،
واسم السميع البصير لله سبحانه وتعالى ، وقد أطنب المصنف يرحمه الله
في نفي مالا يليق بالله عن الله ، ومن ذلك : أن يكون له مِثْلٌ أو
شبيه من خلقه ، فهو المُنزّه عن ذلك سبحانه ، ومن أمثلة وتطبيقات
ذلك : ما قرره المصنف يرحمه الله من قاعدةٍ في ذلك حيث قال في
((مجموع مؤلفاته)) في الرسائل الشخصية)) في الرسالة العشرين وصفحتها
الثلاثين بعد المئة الأولى، وكذا في ((الدرر السنية)) في مجلدها
الثالث وصفحتها الواحدة والثمانين بعد المئة الأولى قال:
((وذلك أن إنكار (الأَيْن) من عقائد أهل الباطل، وأهل السنة يثبتونه
اتباعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم كما في ((الصحيح)) ـ أي
في مسلم ـ أنه قال للجارية : ((أين الله؟)) فزعم هذا الرجل أن
إثباتها مذهب المبتدعة، وأن إنكارها مذهب أهل السنة كما قيل ،
وعكسُه بعكسِه… )) كذا قال ، ومراده : إثبات أن الله تعالى في جهة
العلو وأنه يُشار إليه بالأصبع ، وأنه كذلك، كما هو مفهوم حديث
الجارية ((أين الله؟)) والحديث في ((صحيح مسلم)) .
وقرر ذلك
عنه أيضاً في أمثلةٍ سئلوا عنها من نزول الله تعالى وغيره، ابنُه
عبدُ الله بن الإمام محمد بن عبد الوهاب ـ رحمهما الله ـ ، فإنه قرر
ما سبق إيضاحُه أيضاً كما في : ((مجموعة الرسائل والمسائل)) في
مجلدها الرابع وصفحتها الثامنة عشرة بعد المئة الأولى .


سابع المزايا : أن
دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب ـ يرحمه الله ـ فيها تكفير
كل من أشرك بالله سبحانه وتعالى خصوصاً في باب العبادة لشيوع ذلك
وكثرته على ما حكاه وقتئذٍ جمعٌ ممن كتب في التاريخ ، ومن أولئك :
ابن غنام وابن بشر تلميذا الإمام محمد ـ يرحمه الله ـ .

وقد قرر الإمام محمد ـ يرحمه الله ـ ذلك كما في : ((مجموع مؤلفاته))
في الرسائل الشخصية في الرسالة الرابعة والعشرين في صفحتها السادسة
والستين بعد المئة الأولى ، وكذا في ((الدرر السنية)) في مجلدها
الثامن وصفحتها الثامنة والسبعين حيث قال : ((فمن أخلص العبادات لله
، ولم يشرك فيها غيره، فهو الذي شَهِد ألا إله إلا الله، ومن جعل
فيها مع الله غيره فهو المشرك الجاحد لقول: لا إله إلا الله،
وهذا الشرك الذي أذكره اليوم قد طبّق (أو طَبَق) مشارق الأرض
ومغاربها إلا الغرباء المذكورون في الحديث ، وقليل ما هم، وهذه
المسألة لا خلاف فيها بين أهل العلم في المذاهب)) كذا قال ، وفيه
حكايةٌ من الإمام رحمه الله لواقعه وقتئذٍ أنه ومن معه غرباء بين
أهل الأرض؛ لما هم عليه من توحيدٍ واعتقاد؛ إذ إن النبي صلى الله
عليه وسلم قد بيَّن حديث الغُرْبة ومن ذلك قوله صلى الله عليه
وسلم : ((بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى
للغرباء)) .
وإنما كان تكفير المشرك في العبادة كذلك صحيحاً ؛ لأدلةٍ كثيرةٍ، ومن ذلك: قول الله تعالى :
{
إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا
دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ
افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً}
، والنبي
صلى الله عليه وسلم قد بيَّن حقّ الله على خلقه وأعظمه وهو ألا
يُشرك به سبحانه وتعالى ، ومن ذلك : قول النبي صلى الله عليه وسلم
لمعاذ : ((حقٌّ لله على العباد أن يعبدوه ولا يُشركوا به شيئاً))
وهذه أدلةٌ واضحة فكل إنسانٍ عبدَ غير الله، وأشرك مع الله آلهةً
أخرى فإنه كافر خارج من ملة الإسلام سواءٌ أقال : أنا مسلم أم لم
يقل، فإن هذا بيِّن، والإجماع من السلف الصالح قد قام على
تكفير كل من عَبدَ غير الله . وأشرك معه آلهةً أخرى، والآيات في ذلك
قطعية واضحة .

ومن الأمثلة التي يُمثَّل بها على ذلك:
الاستغاثة بغير الله سبحانه؛ فإن الذي يستغيث بغير الله صارفاً
خِصّيصَةً من خصائص الله لغير الله سواءً أكان السيّد البدوي ـ كما
يُقال ـ أم كان الحسين أم الرفاعي ، أم غيرهم ، كل ذلك شرك،
وقد قامت الأدلة على ذلك
.

واشتهر عن الإمام محمد وأتباعه : إنكار
ذلك ، وإشهارُ سيف الإنكار على أولئك، ومن قرّر ذلك جماعة، ومنهم :
الشيخ حمد بن ناصر ابن معمّر رحمه الله كما في : ((مجموعة الرسائل
والمسائل)) ، في مجلدها الرابع وصفحتها الثانية والتسعين بعد المائة
الخامسة ، حيث قال ـ يرحمه الله ـ : ((اعلم أن دعاء غير الله
وسؤاله نوعان :
أحدهما
: سؤال الحي الحاضر ما يقدر عليه ، مثل : سؤاله أن يدعوَ له، أو
ينصره ، أو يعينه، فهذا جائز ، كما كان الصحابة يستشفعون بالنبي
صلى الله عليه وسلم في حياته فيشفع لهم ، ويسألونه الدعاء
فيدعو لهم .
النوع
الثاني : سؤال الميت والغائب وغيرهما ما لا يقدر عليه إلا الله مثل
: سؤال قضاء الحاجات وتفريج الكربات فهذا من المحرمات المنكرة
باتفاق أئمة المسلمين… )) ثم قال : ((وهذا يُعلم بالاضطرار أنه
ليس من دين الإسلام)) كذا قال.
ومن الأمثلة التي كَثُر
وقوعها في أرجاء الأرض عند طوائفِ من المنتسبين إلى الإسلام ، وهي
من مظاهر الشرك قطعاً ، ومما يَحرم في الإسلام ولا يجوز: الطواف حول
القبور ، وعلى هذا الفقهاء ، وقضى به الإمام أحمد ومالكٌ وغيرهما
من الأئمة .


ثامن المزايا : ما
يتعلق بحماية التوحيد ؛ إذ إن الإمام محمد رحمه الله اشتهر
بحمايته للتوحيد ، وتتبُّع ما قد يدخل على التوحيد بمطعنٍ أو خدشٍ
أو نحو ذلك، وهذا أمر مستفيضٌ عنه من مسائل وفي رسائل وكتب له، ومن
ذلك: ما قرره في ذلك ـ يرحمه الله ـ حيث كما في ((مجموع مؤلفاته))
في القسم الرابع منها في الصفحة الثالثة والسبعين بعد المئتين حيث
قال : ((لا يجوز إبقاء مواضع الشرك بعد القدرة على إبطالها يوماً
واحداً، فإنها شعائر الكفر وهي أعظم المنكرات ))كذا قال ، ولاشك أن
مواضع الشرك ومحالّ الكفر إذا عُلمتْ في أي مكانٍ كان، فإن
الواجب إنكارها، وإبعادها وكف شرها عن الإسلام والمسلمين، ويدل على
ذلك أدلة عن السلف يرحمهم الله ، ومن ذلك (وهو واضح) ما جاء عند ابن
سعدٍ في ((طبقاته)) وابن أبي شيبة في ((مصنفه)) وصحّح سنده الحافظ
ابن حجرٍ ـ يرحمه الله ـ كما في ((فتح الباري)) في مجلده السابع
وصفحته الثامنة والأربعين بعد المئة الرابعة ، وفيه جاء مُسنداً إلى
عبد الله بن عون عن نافع أنه قال : كان الناس يأتون الشجرة
التي يُقال لها : شجرة الرضوان، فيصلون عندها، قال : فبلغ ذلك عمر
بن الخطاب رضي الله عنه ، فأوعدهم فيها ، وأمر بها، فَقُطِعت، وإنما
فُعِل ذلك من قِبَل عمر بن الخطاب رضي الله عنه إيغالاً في حماية
التوحيد، واستئصالاً لما قد يأَتي بذلك الكفر أو الشرك أو الغلو
المُوجِب لذلك .
ومن الأمثلة التي وقعت للإمام محمد بن عبد
الوهاب ـ يرحمه الله ـ ، واشتهرت عنه ، حمايةً للتوحيد : هدم القباب
التي على القبور والمباني التي بُنيَت عليها، خصوصاً القبور
التي تُعَظَّم من قِبَل الناس ؛ ليفعلوا عندها المنكرات
والاستغاثات المحرمات، وغير ذلك من طقوسٍ ومبتَدَعَات .
وقد قرر
ذلك الإمام محمد ـ يرحمه الله ـ ذلك كما في ((مجموع مؤلفاته)) في
القسم الثالث في صفحته السبعين حيث قال : ((أما بناء القباب عليها ـ
يعني القبور ـ فيجب هدمها ، ولا علمت أنه يصل إلى الشرك الأكبر،
وكذلك الصلاة عنده، وقصده لأجل الدعاء ، فكذلك لا أعلمه يصل إلى
ذلك، ولكن هذه الأمور من أسباب حصول الشرك، فيشتدّ نكير العلماء
لذلك ، كما صحّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ((لعنة الله
على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" وذكر العلماء
أنه يجب التغليظ في هذه الأمور؛ لأنه يفتح باب الشرك))، كذا قال ـ
يرحمه الله ـ .
وعليه ؛ فإن البناء على القبور محرَّمٌ ولا
يجوز، على ما يفيده أحاديث ، ومن ذلك : ما جاء في ((صحيح مسلم)) من
حديث جابر وفيه قال : نُهيَ أن يُجَصَّصَ القبر وأن يُبنَى
عليه(( ومن ذلك ما جاء في ))الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم
بعث علياً رضي الله عنه وأرضاه إلى الفيافي والقفار ألا يدع قبراً
مُشْرِفاً إلا سَوَّاه ـ أي مبنياً عالياً ـ إلا وأن يسوِّيَه
بالأرض كل ذلك تتبعاً لذلك .
ومن ذلك أيضاً : بناء المساجد على
القبور ؛ فإنها من البدع الحادثات ويحرم بناء المساجد على القبور ،
واختلف الفقهاء هل الصلاة فيه تكون باطلة أم أنها مكروهة مع النهي
عن ذلك .
إلا أن القول المرجَّح المختار والذي تدلُّ
عليه النصوص، ومنها ما سبق هو حُرْمة البناء على القبور ، وأنه
يُفصَّل في ذلك فإن كان القبر سابقاً للمسجد هُدِم المسجد، وإن كان
العكس فإن قُدِرَ على نبش الجثة التي فيه وأخذ رُفاتها إلى
محلٍّ بعيد كان وإلا أُبعد ذلك المسجد .


تاسع المزايا : ما
يتعلق بالبدع والنهي عنها؛ فقد اشتد نكير الإمام محمد ـ
يرحمه الله ـ على البدع كلها ، وهي كل ما حدث مخالفاً للدين ،
وشُرِّع منسوباً إلى هذا الإسلام الحنيف ، فإن ذلك منكر على قرره ـ
يرحمه الله ـ في رسائل كثيرة ، ومن ذلك ما جاء في ملحق المصنفات في
((مجموع مؤلفاته))، في صفحته الخامسة والعشرين بعد المائة الأولى ،
حيث قال : ((الأمر بالسنة والنهي عن البدعة أمر بمعروف ونهيٌ عن
منكر، وهو من أفضل الأعمال)) كذا قال ـ يرحمه الله ـ ، وقال كما في
((مجموع مؤلفاته )) في الرسائل الشخصية في الرسالة الثانية
عشرة في صفحتها الخامسة والثمانين ، وهو في ((الدرر السنية)) في
مجلدها الخامس وصفحتها الرابعة والستين بعد المئتين قال: ((فوالله
الذي لا إله إلا هو إن فعل الخير إتباع ما شرع الله وإبطال من غيّر
حدود الله، والإنكار على من ابتدع في دين الله. هذا هو فعل الخير
وفيه الفلاح خصُوصاً مع قوله صلى الله عليه وسلم : ((وإياكم
ومحدثات الأمور فإن كل بدعةٍ ضلالة)) كذا قال . بل شدَّد في هجر
أهل البدع ، وأنه هو المتعيّن معهم فقد قال كما في الرسائل
الشخصية من ((مجموع مؤلفاته)) في الرسالة الأولى في صفحتها الحادية
عشرة وفي ((الدرر السنية)) في مجلدها الأول وصفحتها الثلاثين حيث
قال : ((وأرى هجر أهل البدع ومباينتهم حتى يتوبوا، وأحكُم عليهم
بالظاهر، وأَكِلُ سرائرهم إلى الله، وأعتقد أن كل محدثة في الدين
بدعة" كذا قال ـ يرحمه الله ـ .
ولا ريب أيُّها الإخوة
والأخوات أن البدع الحادثات التي تُنسَبُ إلى شرع رب الأرض
والسماوات ، وهي لا تَمُتُّ إلى الإسلام بشيء : باطلة، ومنهيٌّ
عنها، ويدلُّ على ذلك أدلة ومن ذلك : ما جاء في ((صحيح البخاري)) من
حديث عائشة رضي الله عنها وفيه قالت : قال النبي صلى الله عليه
وسلم : ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردٌ" قال الإمام النووي
ـ يرحمه الله ـ في ((شرحه على مسلم)) في مجلده الثاني عشر
وصفحته السادسة عشرة عن هذا الحديث قال : ((هذا الحديث مما ينبغي
حفظه واستعماله في إبطال المنكرات، وإشاعة الاستدلال به كذلك)) كذا
قال ـ يرحمه الله ـ .
ومن الأدلة : حديث النبي صلى الله عليه
وسلم المشهور ، وفيه يقول : ((وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل
محدثةٍ بدعة، وإن كل بدعةٍ ضلالة)) ولذلك أطلق على ذلك الأئمة
يرحمهم الله النهي ، وأنه ليس في ذلك بدعةٌ حسنة ألبتة، وهو
الصحيح المختار المرجَّح الذي عليه أهل الحق؛ فقد خرَّج اللالكائي
وابن بطَّة العُكْبَري في ((الإبانة)) من خبر ابن عمر رضي الله
عنهما وفيه قال : ((كل بدعةٍ ضلالة، وإن رآها الناس حسنة)) .

وليُعلم أيها الأحبة أنَّ البدع التي يُنكرها الإمام محمد في
دعوته، وهي كذلك منكرة ، منها ما يُنسب لعقائد لطوائف ، ومنها ما
يفعله بعضٌ من المسلمين، عازٍ ذلك إلى صحيح الدين، وقد أخطأ بلا
مَيْن





ويلحق في ذلك أيضاً : الغلو والإطراء الذي يقع من بعضٍ من
تلاةِ قصائد المديح ، فربما وقعوا في الشرك عياذاً بالله، من قصائد
يُتغنَّى بها، وأهازيجَ تُنشَد ، كل ذلك مدحاً في النبي صلى الله
عليه وسلم ، والنبيُّ صلى الله عليه وسلم هو الذي نهى عن إطراءه
ذلك الإطراء ، ومن ذلك ما جاء في ((البخاري)) أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال : ((لا تطروني كما أطرتِ النصارى ابن مريم، فإنما
أنا عبده، فقولوا عبد الله ورسوله)) فإن ذلك من البدع وبدعة المولد
من البدع الحادثة بالإجماع لا خلاف في ذلك، واشتهر أن الذين
أحدثوه: الفاطميون أصحاب العقائد المنحرفة المشهورة، وقد حكى ذلك
جماعات، ومنهم : الفَاكِهَاني ـ يرحمه الله ـ، وكذا السخاوي – يرحمه
الله - في آخرين .
ومن البدع أيضاً : التبرك بالتمسُّح بقبر
النبي صلى الله عليه وسلم وقبور الأولياء والصالحين، فيأتي إنسان
إلى خشباتٍ قد رُفعت فوق القبر، أو بناءٍ قد ضَمَّ ذلك الضريح
، فيتمسَّح بخده ، ويشقُّ المَرائر قَدَّا على هذا القبر والضريح ،
ولا ريب أن هذه من البدع التي دخلت على المسلمين، ولكن الزيارة
المشروعة للقبور التي هي قبورٌ صحيحة في أماكنها المعروفة ، صحيحة
ولا شيء فيها .
وليُعلم أن الزيارة للقبور تأتي على نوعين :

أما النوع الأول : فنوعٌ غير مشروع ، ومن ذلك : أن يَشُدَّ
الإنسانُ الرحال ويسافر من بلده إلى بلدٍ آخر ليزور القبور ؛ فإن
ذلك من المنهي عنه، ويدل على صحة ذلك ورُجْحَانه وأنه هو ألحق :
أدلة ومن ذلك: ما جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم ، وفيه
قال : ((لا تُشَدُّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد)) قال شيخ الإسلام
ابن تيميَّة ـ يرحمه الله ـ في بعض رسائله : ((يؤخذ من ذلك أن غيرها
لا يجوز له أن يُشَدّ الرحل)) وعليه فلا يجوز أن يشد الرحل الإنسان
أي يسافر إلى القبور . هذا هو مذهب الحنابلة في آخرين في
المسألة . وقد يرتفع الأمر إلى الشرك عياذاً بالله كأن يذهب الإنسان
ليسجد لهذا الضريح أو يعبد هذا الضريح ولو كان النبي محمداً صلى
الله عليه وسلم ، يأتي إنسان من الهند أو من السند أو من أماكن
بعيدة، فيدخل إلى مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فيسجد للنبي محمد
، صلى الله عليه وسلم ويُقدم عبادات للنبي صلى الله عليه وسلم ،
وهذا لا يجوز في حقه لا حياً ولا ميتاً صلى الله عليه وسلم
، وصَرْف عبادة من العبادات لغير الله سبحانه وتعالى مما هو من
خصائص الله كفرٌ وشركٌ وضلالٌ بيقين لا شك فيه .
وأما الشيء
الثاني : فزيارة مشروعة ، ومن ذلك : أن يزور الإنسان قبراً في بلده،
أو مقبرةً في بلده بدون فعل منكراتٍ أو شركياتٍ وبدع وخزعبلات
هناك.
ومن ذلك أيضاً بدع
تتعلق بغير العقائد أصالةً وربما أُدخل فيها عقائد فاسدة، ومن ذلك
ما أنكره الإمام محمد بن عبد الوهاب من بدعة المولد التي يقع فيها
ما لا يُرضي الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم ، ولما فيها من
مضاهاةٍ للنصارى في ميلاد عيسى كذا قال ـ يرحمه الله ـ ، حيث قال
ما نصُّه كما في ملحق المصنفات في صفحته الثامنة والثمانين قال
: ((الأعياد من الشرائع فيجب فيها الإتباع، وما أُحدث في المولد
إما مضاهاةً للنصارى في ميلاد عيسى ، وإما محبة للنبي صلى الله
عليه وسلم ، ويصحب هذه الأعمال من الرياء والكبر والاشتغال عن
المشروع ما يُفسد حال صاحبها)) كذا قال ـ يرحمه الله ـ .


المَيْزَة العاشرة :
ما يتعلَّق بالتصوف ، حيث إن الإمام محمد ابن عبدالوهاب ـ
يرحمه الله ـ قد أعلن إنكاره للتصوف جملةً وتفصيلاً ، وأنكره،
وكفَّر ابن عربي وابن الفارض ، ومن سار مسيرتهم .
ولا شك أن
التصوف الذي فيه اتخاذ طريقه يُظنّ أنها تُوصِل إلى الله غير طريقة
النبي محمدٍ صلى الله عليه وسلم : باطل ، وإنكاره متعيّن ، وهو من
الضلالات والخزعبلات، ومن ذلك : الطُرق الصوفية المضلَّة التي يفعل
فيها الضلال والباطل والمنكر عياذاً بالله، فكيف إذا وقع فيها
اختلاط ووقع فيها أشياء وأشياء معروف بطلانها عند الناس .

وكذلك يقول الإمام محمد بن عبد الوهاب في ذلك كما في ((مجموع
مؤلفاته)) في الرسائل الشخصية في الرسالة الحادية عشرة في صفحتها
الثامنة والستين، وكذا في ((الدرر السنية)) في مجلدها الثامن
وصفحتها السادسة والخمسين قال : ((وقال أيضاً ـ يعني : صاحب الإقناع
ـ في أثناء الباب ـ أي : باب الردة ـ : ومن اعتقد أن لأحدٍ طريقاً
إلى الله غير متابعة محمدٍ صلى الله عليه وسلم ، أو لا يجب عليه
اتباعه ، أو أن لغيره خروجاً عن اتباعه ، أو قال أنا محتاجٌ إليه في
علم الظاهر دون علم الحقيقة أو قال : إن من العلماء من يسعه
الخروج عن شريعته كما وَسِعَ الخَضِر الخروج عن شريعة موسى : كفر
في ذلك كله . ولو تعرف من قال هذا ـ وهو يخاطب رحمه الله شخصاً
برسالته ـ . قال ولو تعرف من قال هذا الكلام فيه وجزم بكفرهم وعلمت
ما هم عليه من الزهد والعبادة وأنهم عند أكثر أهل زماننا من أعظم
الأولياء لقضيتَ العجب)) كذا قال ـ يرحمه الله ـ في رسالةٍ لبعض
الناس .
وهنا اشتد إنكار الإمام محمد ـ يرحمه الله ـ على
قصائد الصوفية التي فيها شركيات أو إطراء باطل للنبي صلى الله
عليه وسلم ، ومن ذلك : تكفيره لابن عربي (النكرة) ، و ابن عربي
له جمل وكلمات ظاهرها كفر، يُقطع بأن ظاهرها كفر قطعاً باتفاق لا
خلاف في ذلك، ولذلك كفَّر ابنَ عربي جماعات، وألف في ذلك بعضٌ كتباً
، ومنهم : برهان الدين البقاعي (المتوفى سنة خمسٍ وثمانين بعد
المائة الثامنة للهجرة) في كتابه : ((تنبيه الغبيّ إلى تكفير ابن
عربي)) كذا قال ، وإنما نازع بعضٌ من المتأخرين في تكفير ابن عربي
أنَّ هذه الكلمات دُسَّت عليه ، أو هذه الجُمل ليس المراد
الظاهر منها ، وإنما معانٍ إشارية، لكن قطعاً هذه الجمل تلك الكلمات
المنسوبة إليه لو صحَّت عنه وأُخِذَ بظاهرها فهي كفر ، هذا لا خلاف
فيه، فليحذر الناس من تلك الجمل ، ومن تلك الكفريات المنسوبة إلى
ابن عربي أو شاكلته، لو اخترع الناس اليوم بعض الطرق الكفرية أيضاً
هذا يحرم ولا يجوز، وعلى هذا قِسْ .
وعليه فالطرق
المُضِلَّة الصوفية التي يتّبعها الناس ، ففيها ما فيها على ما سبق ،
فإن ذلك كله باطل، ولا يجوز ، ويكفينا شرع ربنا، يكفينا شرع ربنا،
الدين كامل ، لا نقصان فيه ، ليس بحاجة إلى أحد يأتي ليُتمِّم ديننا
.


الحادي عشر من المزايا :
شدة الإمام محمد بن عبد الوهاب ـ يرحمه الله ـ على أهل
المنكر ، والمنكرات التي ثبت كونها منكراً ، ومن ذلك : شدته على
السحرة ، وأصحاب الكهانة والتمائم المحرمة والغناء الباطل وما إلى
ذلك ، فكلها منكرة، ولذلك أتى عليها .
فالغناء بآلات الطرب وما إليه كلها من الأشياء المنكرة المحرمة .
وليُعلم أن الغناء بالمعازف غير الدف قد اتفق الفقهاء على
حرمته، وعدم جوازه، وعلى هذا أيضاً اتفاق المذاهب الأربعة ، وحكاه
ابن قيم الجوزية في ((مسألة السماع)) ، وكذا ابن رجب إجماعاً عن
السلف الصالح، أي على حرمة ذلك وعدم جوازه .
وينبغي ألا
يُتساهل أيها الإخوة الأحبة في المنكرات ، وتركها تذهب يميناً
وشمالاً في بيوتنا وغيرها، فيصبح الإنسان على إيقاعات موسيقية
ويُمسي عليها، ويُربّى الصغار على المنكرات والمحرمات من موسيقى ،
ويُعَلَّمون هذا ربما في بعض المدارس مع الأسف ، إلى غير ذلك ، هذه
كلها من المنكرات .
ومن المنكرات أيضاً : السُّفُور
المحرم فتجد المرأة لا تأخذ حجابها الواجب عليها ، ثم تقع بها
الفتنة للشباب ، وتقع الفتن إلى زنا، إلى ما يُسمَّى بالمعاكسات
الهاتفية وغيرها وهي بريدٌ للزنا عياذاً بالله، وطريقٌ إليه ، وكم
من حوادث وقعت في ذلك .
استمع يا رعاك الله إلى إنكار
الإمام محمد بن عبد الوهاب على بعض الأشياء ، وشدته في ذلك ، من ذلك
ما قاله في الرسالة الحادية عشرة من : ((مجموع مؤلفاته)) في صفحتها
الثالثة والسبعين، وفي ((الدرر السنية)) في مجلدها الثامن
وصفحتها التاسعة والخمسين حيث قال : ((لا يجوز إبقاء مواضع الشرك
والطواغيت بعد القدرة على هدمها وإبطالها يوماً واحداً، فإنها شعائر
الشرك والكفر، وهي أعظم المنكرات، فلا يجوز الإقرار عليها مع
القدرة البتة، وهذا حُكم المشاهد التي بُنيت على القبور التي اتُخذت
أوثاناً تُعبد من دون الله، والأحجار التي تُقصد للتبرك والنذر
والتقبل لا يجوز إبقاء شيءٍ منها على وجه الأرض مع القدرة على
إزالته، وكثيرٌ منها بمنـزلة اللات والعُزى ومناة الثالثة الأخرى
بل أعظم شركاً عندها وبها والله المستعان)) كذا قال .
وقال
كما في ((مجموع مؤلفاته)) في القسم الرابع في صفحته السابعة
والثمانين بعد المائة قال : ((ومنها تحريق أمكنة المعصية، كما
حُرِّق مسجد الضِرار، وكل مكانٍ مثله ، فالواجب على الإمام تعطليه
إما بهدمٍ أو تحريقٍ وإما بتغيير صورته وإخراجه عمّا وُضع له …. )) .
ثم قال : ((وعلى هذا فيُهدم المسجد الذي بني على قبر ، كما
يُنبَش الميت إذا دفن في المسجد، فلا يجتمع في دين الإسلام مسجد
وقبر، فهذا دين الإسلام الذي بعث الله به رسوله، وغربتُه بين الناس
كما ترى)) كذا قال ـ يرحمه الله ـ ـ أي : أن الواقع اليوم خلاف هذا
في كثيرٍ من الأماكن ، لكن والحمد لله أصبحت بلاد الحرمين ـ حرسها
الله من كل عدوان وإثم ـ مضرب مثل في تطهيرها من هذه المنكرات
المعروفات .


أما الأمر الأخير والميزة الأخيرة الثانية عشرة :
فهو ما يتعلق في منهجه رحمه الله في التعامل مع مسائل الفقه
والفروع، حيث إنه قرر في ذلك شيئين معلومين لمن تتبع رسائله وكتبه
وتقريراته رحمه الله :
الشيء
الأول : أن الحق ليس منحصراً في المذاهب الأربعة الفقهية مذهب أبي
حنيفة ومالك والشافعي وأحمد رحمهم الله ورضي عنهم ، ولا ريب أن الله
لم يأمرنا أصالةٍ باتباع هذه المذاهب الأربعة ، ولا بالتزام
مذهبٍ منها البتة ، وإنما جاء ذلك واضحاً في كتاب الله وسنة رسوله
صلى الله عليه وسلم باتباع كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه
وسلم ، ويكون ذلك على فهم السلف الأول .
وأما
الشيء الثاني : فهو ما يتعلَّق باتباع الدليل ، فهو يدور معه أنّى
دار، حتى ولو خالف شيخه وقدوته الإمام ابن تيمية ـ يرحمه الله ـ ،
ومن ذلك : ذهابه إلى أن الإسبال تحت الكعبين للرجال لغير كبرٍ
وخيلاء حرام ولا يجوز . والمعروف عن شيخ الإسلام ابن تيميَّة على
ما نقله ابن مفلح في ((الآداب الشرعية)) والسفاريني في ((غذاء
الألباب)) وجماعة أن شيخ الإسلام لم يذهب إلى تحريم ذلك، بل قطع
بعدم تحريم الإسبال في الحالة السابقة ، وسكت عن الكراهة. كذا قال
ابن مفلح ـ يرحمه الله ـ .




وعليه فإن هاتين القاعدتين هي المقررة في رسائله وفتاويه
واستعمالاته ـ يرحمه الله ـ ، وإليه جاءت الإشارة في أمر الأدلة في :
((ثلاثة الأصول)) في أولها حيث ذكر أنه يجب على كل مسلمٍ ومسلمة
إتباع دين الإسلام بالأدلة ، ومراده كذا لعله أن يعرف الإنسان
الإسلام على وجهٍ معلوم ليس على وجهٍ تقليدي مذموم، فإن ذلك لابد
للإنسان منه. كذا هو المفهوم من كلامه ، وفيه إشارة إلى ذلك . ولا
ريب أيها الأحبة أن الإنسان إذا عَلِم الحق بدليله ، واستبان له
بدليله، فالواجب عليه أن يتّبعه ، ولو خالف المذاهب الأربعة
كلها ، ولو خالف مذهب أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد أو غيرهم ، إذ
الإنسان إذا علم الحق بدليله وجب أن يدور معه حينئذٍ ، ولذلك انعقد
الإجماع على ذلك على ما حكاه جماعة، وقاله الشافعي ـ يرحمه الله ـ .




تلك هي مزايا دعوة الإمام المجدد داعية التوحيد محمد بن عبد
الوهاب رحمه الله بها تعلم دعوته ، وتدري طريقته، فليس مبتدعاً
شيئاً جديداً، ولا آتٍ بدين إرهابي كما يقوله بعض الناس، ولا شيئاً
من ذلك الذي يُزعم من باطلٍ لا يصح عنه ـ يرحمه الله ـ .
إنما كانت تلك الكلمات في هذا الزمان بياناً للحقيقة، وحصراً لما عليه ذلك الإمام ـ يرحمه الله ـ .
سائلاً الله سبحانه وتعالى أن يُميتنا وإياكم على السنة، وأن
يقينا مصرع أهل البدعة، اللهم اجعلنا دعاة إلى سبيلك، هداةً إلى
دينك، اللهم اجعلنا عالمين عاملين، هداةً متقين، وصلى الله على عبده
ورسوله محمد .


المصدر : بتصرف يسير من محاضرة للشيخ صالح الأسمري بعنوان مزايا دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله
سورجي بؤ هه مووان
سورجي بؤ هه مووان
سه رؤكى سايت
سه رؤكى سايت

عدد المساهمات/زماره ى به شداريه كان : 3288
تاريخ التسجيل : 11/03/2010

https://surchy.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى